الثبات ـ فلسطبن
"لا مفاوضات تحت النار ولا تبادل للأسرى ما دام العدوان "الإسرائيلي" مستمراً على غزة"، شروطٌ واضحةٌ وضعتها المقاومة لاستئناف أيّ محادثاتٍ بشأن الإفراج عن الرهائن الاسرائيليين.
مسؤول ملفّ الأسرى في حركة حماس زاهر جبارين قال للميادين "فلتكن معركة كسر عظم"، مؤكّداً أنّ لا مفاوضات إلا لوقف العدوان، ووقف جرائم الحرب هذه.
المقاومة حسمت موقفها بأنّ القضية باتت أكبر من صفقة أسرى، باتت تتعلق بمصير القضية الفلسطينية نفسها، وحتى بالحلول المستقبلية. في هذا السياق كان تأكيد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، هو أنّ المقاومة مستعدة لكل السيناريوهات الإسرائيلية العسكرية سواءٌ الحرب البرية أم الجوية، وهي جاهزيةٌ تضع الاحتلال أمام خيارٍ واحدٍ وهو العودة إلى المفاوضات بحسب حركة الجهاد الإسلامي.
أمام موقف المقاومة الحازم لا يُخفى حجم التخبّط السياسي والعسكري الإسرائيلي عكسه إعلام الاحتلال ومحللوه في ظلّ تأكيده حجم التحديات التي تواجه "إسرائيل" في توسيع عدوانها على جنوبي غزة، وما إذا أن ذلك سيحقق هدفها في إضعاف حماس.
وقال عضو الكنيست السابق عوفر شيلح، وهو باحث رفيع المستوى في معهد الأمن القومي: "يبدو لي أننا وصلنا إلى مفترق طرق قد نجد أنفسنا في وضعٍ يصعب فيه تحقيق الأهداف العسكرية، وأيضاً نعرّض فيه حياة المخطوفين للخطر. الاستمرار بالعملية العسكرية قد لا يحقق هزيمة حماس ويمكن أن يعرّض الإنجاز العسكري للخطر".
ومع استئناف آلة القتل يُقرّ الإعلام الإسرائيلي بغياب الاستراتيجية، فوفق صحيفة "يديعوت أحرنوت" لدى "إسرائيل" كبينيت أعرجٌ ومتعثّر وهي تتصرف وفقاً لاستراتيجية المطرقة عبر غارةٍ ضخمةٍ وفتّاكةٍ تسبب كثيراً من الدمار، لكن نتائجها قليلةٌ جداً، وتُضيف الصحيفة أنّ "إسرائيل لا تسيطر على شمالي غزة أو مدينة غزة بل على جزءٍ من الشمال وحسب، وهي بعيدةٌ من السيطرة على مدينة الأنفاق، فتحقيق الأهداف ولا سيّما اجتثاث حماس والقضاء على التهديدات من قطاع غزة يبدو بعيد المنال".
تعليقاً على ذلك، تحدث محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحام، عن بدء الحديث عن أن نتنياهو يُخرج من الدرج سيناريوهات الترحيل والسفن العائمة والمستشفيات العائمة في البحر في محاولة منه لترحيل ديموغرافي لقطاع غزة.
وبحسب اللحام فإنّ هذا القول مبالَغ في تقديره وقدرة "إسرائيل" على فعل ذلك، وإنّ الديموغرافيا تحلّ مشكلته سواءً في غزة أو في الضفة الغربية، إذا كان في القدس لا يحلّ مشكلة الديموغرافيا فما بالك بقطاع غزة؟!
وأضاف أنّ "إسرائيل" وضعت أهداف جديدة لكن بصمت، تريد اغتيال قيادات تسمح لها بأن تباهي أنها حققت أيّ إنجاز عسكري، تريد تدمير مربعات سكنية كاملة ومناطق كاملة بحماية أميركية وصمت العالم الغربي، كذلك تريد أن تحصل على تنازلات سياسية من خلال الضغط العسكري وهو ما لم تحصل عليه بثبات المفاوَض الفلسطيني في ما يتعلق بتبادل الأسرى.
من جهته، أشار محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية شارل أبي نادر، إلى أنّ ثقة المقاومة في نجاحها في معركة الأسرى، ورقة مؤثّرة في سياق الحرب، لافتاً إلى أنّ النواة الأساسية لعملية طوفان الأقصى، والتي هي الأسرى، هي موجودة وتستند إلى مقومات واقعية وفعلية.
وأضاف أن المقاومة استطاعت في إحدى عمليات التسليم أن تسلّم الأسرى من مكان قريب جداً من مكان تواجد العدو، وأثبتت أن حماس قادرة على التحكم بمسار ومكان هؤلاء الأسرى، هذا الموضوع طبعاً يمكن أن نربطه بالمرحلة اللاحقة الأساسية، نتكلم اليوم عن العسكريين وعن الأساسيين من احتياط والذين هم بالأساس نواة هذه المناورة أو نقطة القوة.
وفيما يخص موضوع حماية الأسرى، قال أبي نادر إنّ تصريحات الأسرى كانت تقول بأنّهم كانوا مرتاحين ويعيشون بعيداً عن التأثيرات، لافتاً إلى قدرة المقاومة على حمايتهم والتعامل مع مناورتهم.
هل ستمتد الجولة الثانية من القتال في هذه الحرب؟
وفي الحديث عن امتداد الجولة الثانية من القتال سيدفع نحو إخراج الأسرى، قال محلل الميادين للشؤون الفلسطينية عبد الرحمن نصار، إنّ "الإسرائيليين يتبنون الآن نظرية أنه نحن أخرجنا الأسرى بالضغط وليس بالمفاوضات ولذلك نحتاج إلى جولة قتال ثانية لنُخرج ما تبقّى من الأسرى"، مضيفاً: "هذه النظرية سيختبرها الميدان، ورأينا أمس كيف كانت المظاهرات رغم نزول صواريخ المقاومة في العمق الإسرائيلي، كيف كانت مظاهرات أهالي الأسرى المتبقين لدى المقاومة تضغط باتّجاه إكمال الصفقات".
وتابع نصار: "في المقابل المقاومة قالت كلمتها وحددت بوضوح، أنّه لن يكون هناك تفاوض إلا عند إنهاء الحرب، لأنه تبيّن أن أيّة تفاوض خلال الحرب ليس مثمراً كنتيجة فعلية إلّا في شراء بعض الوقت"، مشيراً إلى أنّه لا يمكن تجاهل أن المقاومة وأدائها الميداني الآن يبيّن أنها فعلاً استفادت من التهدئة بصورة كبيرة جداً سواءً على الصعيد الصاروخي أو على الصعيد التصدّي البري.