الثبات ـ دولي
تصدّر "حزب الحرية" اليميني المتطرف بزعامة خيرت فليدرز الانتخابات التشريعية الهولندية يوم أمس، وحصل على 35 مقعداً من أصل 150 تشكل المجلس التشريعي للبلاد. وحلّ في المرتبة الثانية، تحالف "حزب العمل" مع "اليسار الأخضر" بزعامة فرانس تيمرمانز بحصوله على 25 مقعداً، بمقابل سقوط "حزب الشعب للحرية والديمقراطية" بقيادة ديلان زيغيريوس خليفة رئيس الحكومة المستقيل مارك روته، من مركز الصدارة الأول إلى المركز الثالث بحصوله على 24 مقعداً.
حزب "العقد الاجتماعي الجديد" بزعامة بيترأومتزيخت، الذي تأسس هذا العام فاز بـ20 مقعداً، مما شكل مفاجأة كبيرة لكن ليست بحجم زلزال فوز خيرت فليدرز بالنسبة لهولندا ولدول الاتحاد الأوروبي.
فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة 7,30 صباحاً وأغلقت الصناديق في الساعة 9 مساء بالتوقيت المحلي. وتجاوزت نسبة المشاركة عتبة 70 في المئة كما هي عادة الهولنديين.
تنظر دول الاتحاد الأوروبي عن كثب إلى هذه الانتخابات المبكرة، بعدما لعب مارك رواه دور أساسي في قضايا استراتيجية في منطقة اليورو، وكان من الداعمين لأوكرانيا في حربها ضد روسيا. وكان "حزب الحرية"، وعد بأنه في حال وصل إلى رئاسة الحكومة سيطرح تنظيم استفتاء على خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي.
شكلت الهجرة وغلاء المعيشة وأزمة السكن التي تؤثر على جيل الشباب أبرز عناوين الحملات الانتخابية، التي طوت بنتائجها صفحة رئاسة مارك روته التي شابها العديد من الفضائح حتى بات يعرف باسم " تقلون مارك"، لقدرته على البقاء على قيد الحياة السياسية بعد كل هذه المشاكل. ولم تفلح خليفته ديلان يسيلغوز في زعامة الحزب، برأب التصدعات التي أحدثها روته، بل زادت الطين بلة، حين تماهت بشعاراتها الانتخابية مع شعارات أقصى اليمين، ومع أنها لجأت إلى هولندا مع عائلتها في العام 1984، إلا أنها انتهجت بتطرف سياسة مثيرة مناهضة للهجرة. وكانت قد فاجأت الهولنديين قبل يوم الانتخابات وأعلنت عن انفتاحها على احتمال التحالف مع حزب فليدرز لتشكيل حكومة ائتلافية. وهي لا تزال تأمل في أن تصبح أول امرأة في تاريخ هولندا تتولى رئاسة الحكومة.
سعى فليدرز الذي يصفه مواطنوه بترامب الهولندي، إلى تخفيف بعض آرائه المتطرفة عشية الانتخابات، وقال: "هناك مشاكل أكبر من خفض أعداد اللاجئين"، وإنه سيضع بعض مواقفه المعادية للإسلام "في الثلاجة". كذلك أظهرت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات بشهر عن ارتفاع كبير بشعبيته، تؤهله على الأقل كي يكون شريكاً رئيسياً في صناعة الحكومة المقبلة أو ترؤسها.
سارع رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان إلى الترحيب بفوز اليمين المتطرف في هولندا، معتبراً أن "رياح التغيير" هبت في هذا البلد ".
وبدورها، هنأت زعيمة حزب" التجمع الوطني الفرنسي "مارين لوبين، خيرت فليدرز وحزبه على" الأداء المذهل "في الانتخابات.
وغرد لوبين على منصة (إكس)،" تهانينا لخيرت فليدرز وحزب الحرية على أدائهما المذهل في الانتخابات التشريعية والذي يؤدي الارتباط المتزايد بالدفاع عن الهويات الوطنية. لأن هناك أشخاصاً يرفضون رؤية الشعلة الوطنية تنطفئ، فإن الأمل في التغيير يظل حيّاً في أوروبا.
مع ذلك، يرى كل من المهاجرين عموماً والمسلمين خصوصاً في هولندا، أن مرحلة صعبة للغاية بالنسبة لهم قد بدأت لتوها.
مع هذا الفوز الكبير، لن تكون طريق تشكيل ائتلاف حكومي أمام خيرت فليدرز سهلة أو ميسرة ولو أصبح حزبه قوة لم يعد ممكناً تجاهلها، فمن الصعب عليه إقناع زعماء الأحزاب الرئيسية بترؤسه الحكومة، هذا ما ظهر فور الإعلان شبه الرسمي عن نتائج الانتخابات، حيث قال زعماء الأحزاب الثلاثة الكبرى إنهم لن يشاركوا في أي حكومة يقودها "حزب الحرية"، وكل واحد من هؤلاء يسعى للمركز الهولندي الأول لقيادة خامس اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.