الثبات ـ دولي
قدّم عالم السياسة الأميركي جون ميرشايمر قراءة طويلة عن الحرب في أوكرانيا، شرح فيها أسباب فشل الهجوم المضاد، وأعطى موجزاً عن الحرب الدائرة هناك ومستقبلها بحسب وجهة نظره.
ذكر ميرشايمر في قراءته، أنّ الهجوم الأوكراني المضاد كان فشلاً ذريعاً، وأنّ الجيش الأوكراني لم يحرز تقدماً، ولم يتجاوز بعد ما يسمى "المنطقة الرمادية" وهي شريط الأرض الذي يقع أمام الخط الرئيسي الأول للدفاعات الروسية، مشيراً إلى أنّ القوات الأوكرانية تكبدت خسائر فادحة، جميع الألوية التسعة التي يتباهى بها "الناتو" والتي سلحها ودربها للهجوم المضاد قد تم مضغها بشدة في ساحة المعركة.
رأى العالم السياسي أنّ الهجوم المضاد الأوكراني كان محكوماً عليه بالفشل منذ البداية، موضحاً أنّ تشكيلة القوات على كلا الجانبين وما كان الجيش الأوكراني يحاول القيام به، إلى جانب فهم تاريخ الحرب البرية التقليدية، يؤكد أنّه لم تكن هناك أي فرصة تقريباً للقوات الأوكرانية المهاجمة لهزيمة القوات المدافعة الروسية وتحقيق أهدافها السياسية.
وبحسبه، فإنّ أوكرانيا ومؤيديها الغربيين كانوا يأملون أن يتمكن الجيش الأوكراني من تنفيذ استراتيجية الحرب الخاطفة الكلاسيكية للهروب من حرب الاستنزاف التي كانت تطحنه.
وتدعو استراتيجية الحرب الخاطفة الكلاسيكية إلى إحداث ثقب كبير في الخطوط الدفاعية الروسية، ثم القيادة في عمق الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، ليس فقط الاستيلاء على الأراضي على طول الطريق، ولكن توجيه ضربة مطرقة للجيش الروسي، حسبما شرح ميرشايمر.
وقال إنّ القادة الغربيين ووسائل الإعلام الرئيسية مارسوا ضغوطاً كبيرة على كييف لشن الهجوم المضاد، وحتى بعد تعثر الهجوم المضاد، استمر العديد من المتفائلين في التمسك بالأمل في نجاحه في النهاية، وفي المقابل، يدرك كثيرون في الغرب أنّ الهجوم المضاد قد فشل، وأن أوكرانيا محكوم عليها بخوض حرب استنزاف من غير المرجح أن تفوز بها.
موجز الحرب
سرد العالم السياسي موجز الحرب في أوكرانيا، وأدناه أبرز محطاتها منذ بدئها:
الجيشان الروسي والأوكراني، انخرطا في "معركة عادلة" منذ بدء الحرب، ثم سيطرت القوة الروسية على مساحة كبيرة من الأراضي الأوكرانية، لكنها سرعان ما وجدت نفسها مفرطة في التوسع، ولم يكن لديها قوات كافية للدفاع عن جميع الأراضي التي تسيطر عليها، ونتيجة لذلك، سحب الروس معظم قواتهم من إقليم خاركوف.
في وقت لاحق، اضطر الجيش الروسي إلى الانسحاب من شريحة إقليم خيرسون، والتي احتلها الجيش الأوكراني بعد ذلك من دون قتال، لكن قبل انسحاب الروس، ألحقوا خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية، حيث أفاد أحد قادة الكتائب في الجيش، أنّ خسائره كانت عالية لدرجة أنه اضطر إلى "استبدال أفراد وحدته ثلاث مرات".
رداً على الأحداث في خاركوف وخيرسون، حشد بوتين 300 ألف جندي، كما كثّف الروس جهودهم المستمرة للسيطرة على باخموت. وفي الأثناء، استجاب الأوكرانيون للتحدي في باخموت، وانخرط الجانبان في معركة طويلة وطاحنة للسيطرة على تلك المدينة، والتي انتهت أخيراً بانتصار روسي.
جون ميرشايمر: باخموت كانت هزيمة خطيرة لأوكرانيا، التي عانت من خسائر فادحة في المعركة التي استمرت شهوراً
أبجديات الحرب الخاطفة
يأتي ذلك فيما يتمتع الروس بالفعل بميزة كبيرة في المدفعية، وهي أهم سلاح في حرب استنزاف، وفي المقابل، لم يكن لدى كييف ولا الغرب القدرة على مواجهة هذه الميزة لدى القوات الروسية، حسب ميرشايمر، الذي يعتبر أنّ الغرب قد لا يظل ملتزماً تماماً بتزويد أوكرانيا بالأسلحة، حيث أنّه بات مرهقاً بسبب الحرب، وهذا الأمر شكل حافزاً قوياً لدى الغرب وأوكرانيا، لإيجاد استراتيجية ذكية من شأنها أن تنتج نصراً عسكرياً سريعاً، تعتمد على مبدأ الحرب الخاطفة.