"التلغراف": إبادة جماعية صامتة تكشف الجانب المظلم لكندا ترودو

الخميس 24 آب , 2023 09:36 توقيت بيروت دولــي

الثبات ـ دولي

تناولت صحيفة "التلغراف" البريطانية، في تقريرٍ نشرته الأربعاء، ما سمّته "ترسّخ ثقافة العنف الشديد بعمق ضد نساء وفتيات السكان الأصليين في المجتمع الكندي"، لافتةً إلى ما تعانيه هذه الشريحة من النساء "بصمت، وتجاهل رسمي".

وعنونت الصحيفة تقريرها بـ "الإبادة الجماعية الصامتة تطارد حلم كندا الليبرالي"، في عودةٍ لموضوع اضطهاد السكان الأصليين في كندا.  

وذكرت أنّ كندا نجحت، ولأكثر من عقدٍ من الزمان، في "رسم صورةٍ نقية لليبرالية والتقدم والشمولية"، إذ قدّمت نفسها على أنّها "كل شيء لا تمثله جارتها المتهورة"، في إشارةٍ واضحة إلى أزمات ومشكلات الولايات المتحدة الأميركية.

وقالت الصحيفة إنّ رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، "رسم صورةً جذّابة خارجية لكندا"، حيث فتح أبواب بلاده للاجئي العالم عندما بنى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الجدار أمام المهاجرين، كما تبنّت كندا كل ما هو أخضر،  في الوقت الذي قاومت فيه الولايات المتحدة الطاقة المتجدّدة.

وإضافةً إلى ذلك، شدّدت "التلغراف" على أنّه إذا "تمّ خدش هذه القشرة التي تحافظ عليها كندا، فسوف يبدأ الجانب المظلم لها في الظهور"، إذ من غير المعروف للكثير من العالم، أنّ ثقافة العنف الشديد ضد نساء وفتيات السكان الأصليين، والتي ترقى إلى "الإبادة الجماعية"، وذلك على حد تعبير الحكومة الكندية نفسها، أصبحت راسخةً بعمق في المجتمع الكندي.

وأوضح تقرير الصحيفة أنّ الباحثين أفادوا، في تقارير متخصّصة، بأنّ النساء من السكان الأصليين أكثر عرضة للقتل أو الاختفاء 16 مرة من النساء مِن غير السكان الأصليين، كما يُعتبرن أكثر عرضة للاعتداء الجنسي أو الاغتصاب بثلاث مرات.

كما تُعد معدلات الانتحار أعلى بكثير بالنسبة لهذه المجموعة أيضاً، حسب تقارير بحثية أوردتها الصحيفة، عند 35 حالة وفاة لكل 100 ألف امرأة من السكان الأصليين، مقارنةً ب 5 حالات لكل 100 ألف امرأة مِن النساء مِن غير السكان الأصليين.

وكشفت الصحيفة أنّ النساء مِن السكان الأصليين، يتعرضن أيضاً للتعقيم القسري، وهو إجراء يرتبط بشكلٍ أكثر شيوعاً بأفقر دول العالم، وأنّه ما يزال يُمَارس في أجزاء من البلاد، ويتم عادةً على أيدي الأطباء البيض.

وأوردت الصحيفة شهادةً للدكتورة، كارين دوهاميل، التي استمعت على مدى السنوات العديدة الماضية، إلى شهاداتٍ من أكثر من ثلاثة آلاف شخصٍ من أفراد أسر السكان الأصليين الناجين من العنف، حيث قالت إنّه "خلال التحقيق الوطني، علمنا بالعديد من حالات القتل للسكان الأصليين، والتي لم تكن مُدرجة في القائمة الرسمية للشرطة".

وأضافت دوهاميل "إنّ نطاق هذا العنف في الواقع أكبر بكثير مما يمكننا توثيقه، إذ تمّ جمع جميع الحالات التي جرى فيها التعرف إلى الضحايا بشكلٍ خاطئ، أو حيث كانت العائلات خائفة جداً من القول إنّ الضحية من السكان الأصليين".

حالات ليست استثنائية ولا تاريخية فقط

وخلص تقرير لمجلس الشيوخ الكندي، نُشر في تمّوز/يوليو 2022، إلى أنّ التعقيم القسري "لا يقتصر على ماضي كندا البعيد"، مؤكّداً أنّ الممارسة "مستمرة ومتجذّرة إلى حدٍ كبير، في استراتيجية عنصرية لإخضاع الشعوب الأصلية والقضاء عليها".

ويقول الخبراء إنّ هذه الممارسة، وسوء المعاملة الأوسع لنساء السكان الأصليين في كندا، "تنبع من الماضي الاستعماري للبلاد، وحركة تحسين النسل، التي حاولت السيطرة على تكاثر الأشخاص الأدنى مستوى"، في حديثٍ واضح عن النظرة العنصرية تجاه السكان الأصليين.

وذكّرت "التلغراف" بأنّ محافظتي ألبرتا وكولومبيا البريطانية الكنديتين، أصدرتا قوانين التعقيم الجنسي في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، وهي التي سمحت بفرض العمليات الجراحية على الأقليات من دون موافقتهم، حيث تمّ إلغاء هذه القوانين في سبعينيات القرن العشرين، مؤكّدةً أنّه مع ذلك "ما تزال هذه المواقف قائمة".

ويُعتقد أنّ ما يصل إلى 4 آلاف امرأة وفتاة من السكان الأصليين في كندا، قُتلن أو فُقدن في كندا على مدار الثلاثين عاماً الماضية، حسب ما ذكرت الصحيفة، مُشيرةً إلى تنامي العنف الذي لم تعالجه السلطات إلى حدٍ كبير.

ووفقاً لرابطة نساء الشعوب الأصلية في كندا، فإنّ ما يقرب من نصف قضايا القتل المتعلقة بنساء وفتيات الشعوب الأصلية، الموجودة في قاعدة بياناتها، "لم يتم حلّها بعد"، كما لم يؤدِ سوى 53% من هذه الحالات إلى توجيه اتهاماتٍ بالقتل.

وعثرت مجموعة من السكان الأصليين غربي كندا، في كانون الثاني/يناير الماضي، على مقابر مُحتملة جديدة، وعظمة من فك أحد الأطفال، قرب مدرسةٍ داخلية كندية مُخصصة للصغار المتحدّرين من المجموعات الأصلية.

ويُذكر أنّ شهوداً من سكان كندا الأصليين، والذين يشملون شعوب الأمم الأولى في البلاد، كانوا قد أعادوا فتح ملف اضطهاد الحكومة الكندية لهم إلى الواجهة، بعودتهم إلى الذاكرة واسترجاع أقسى الذكريات، من حرمانهم من ذويهم، ومدارسهم الداخلية القاسية، إضافةً إلى مقابر الأرقام الجماعية التي جمعت أجساد أجدادهم من دون أسماء على شواهدها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل