الثبات ـ منوعات
تشتهر أضواء الشفق القطبي، المعروفة أيضا باسم الأضواء القطبية، بعروضها المذهلة من خلال الألوان المتلألئة، وهي متعة للعين البشرية.
وإلى جانب عروضها المبهرة، تعد أضواء الشفق القطبي مثيرة للاهتمام للغاية بالنسبة للعلم، حيث يتم إنشاؤها بواسطة جسيمات مشحونة مكثفة تتدفق من الشمس وتتفاعل مع الغلاف الجوي للأرض.
والآن، وجد العلماء شفقا قطبيا آخر على الأرض، ولكن على عكس الشفق القطبي المعروف، فإن هذا الشفق لا يقدم عرضا للبشر. وفي الواقع، إنه غير مرئي للعين المجردة.
ولاحظ العلماء بقيادة عالمة الأرض كاترينا بوسيرت في جامعة ولاية أريزونا بريقا للشفق القطبي في ضوء الأشعة تحت الحمراء، الناتج عن تفاعل هذه الجسيمات الكونية النشطة وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض.
وقالت بوسرت في بيان: "هذا يوفر طريقة جديدة لرصد الشفق القطبي للأرض من الفضاء. ويمكن أن ترتبط الانبعاثات الشفقية المختلفة بارتفاعات مختلفة وطاقة الجسيمات".
ويقول عالم الجيوفيزياء بجامعة ألاسكا فيربانكس، دوجاكان سو أوزتورك، والذي لم يشارك في العمل الجديد:"إن اكتشاف الدكتورة بوسرت مهم للغاية لأنه لا يوفر لنا وسائل جديدة لدراسة الشفق القطبي فحسب، بل يوفر أيضا فهما أعمق لكيفية تشابك بيئة الفضاء والغلاف الجوي العلوي للأرض".
وتحدث ظاهرة الشفق القطبي في طبقة التروبوسفير (Troposphere)، أدنى طبقات الغلاف الجوي للأرض، وهي الطبقة التي تحدث فيها التغيرات المناخية، وهي ناتجة عن تفاعل جسيمات ذات طاقة عالية ترسلها الشمس إلى الأرض، حيث تتفاعل مع ذرات الغلاف الأيوني الأرضي وتعمل على تنشيطها، ما يتسبب في انبعاث الأضواء بألوان مختلفة.
ومع ذلك، فإن الشفق القطبي بالأشعة تحت الحمراء الذي وجدته بوسرت هو نتيجة لثاني أكسيد الكربون.
وعلى الرغم من أننا عادة ما نفكر في هذا على أنه غازات دفيئة، إلا أنه موجود في طبقات متعددة من الغلاف الجوي للأرض.
ويحدث الشفق القطبي أقل قليلا من الآخرين، نحو 90 كم. ولاحظ الفريق هذا الشفق بأداة AIRS التابعة لناسا، وهو مسبار الغلاف الجوي بالأشعة تحت الحمراء على متن القمر الصناعي أكوا لرصد الأرض. وتم إطلاق هذه المركبة المدارية في عام 2002، وهي تجمع البيانات حول الأرض منذ ذلك الحين.
ولرصد الشفق القطبي من الفضاء بعض المزايا المتميزة، حيث أنه من الأرض، لا يمكن للعلماء رؤية الشفق القطبي أثناء النهار، وهم مقيدون في المساحة التي يمكن أن يغطيها أي تلسكوب واحد. ومن ناحية أخرى، كانت أداة AIRS تراقب طاقة الأشعة تحت الحمراء، بما في ذلك تلك الصادرة عن الشفق القطبي، كل يوم لسنوات. وتغطي مجموعة البيانات هذه أكثر من 20 عاما، وستكون ذات قيمة كبيرة للدراسات المستقبلية للشفق القطبي.
وتقول بوسيرت: "من المثير للغاية أن ترى الشفق القطبي بطريقة مختلفة".
الشفق القطبي نافذة مهمة للعلماء على الغلاف الجوي للأرض، وما يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن كيفية تفاعل البيئة الكونية مع الطبقات العليا من غلافنا الجوي.
وتعطي مثل هذه الدراسات العلماء صورة أفضل عن "متى وأين يحدث النشاط الشفقي"، كما يقول أوزتورك. كما أنهم يحاولون اكتشاف "المدى الذي يمكن أن تصل إليه الجسيمات النشطة في الغلاف الجوي للأرض"، وفقا لبوسيرت.
وما يزال من غير المعروف كيف يختلف الشفق القطبي لثاني أكسيد الكربون مع المواسم أيضا، والذي قد يكون مرتبطا بالتقلبات في مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وبالإضافة إلى مجموعة البيانات الضخمة، كشفت بوسرت وفريقها عن جزء جديد من المعلومات حول الغلاف الجوي العلوي: أن الجسيمات النشطة التي يتم توجيهها نحو الأرض من خلال مجالنا المغناطيسي تودع طاقتها عن طريق الاصطدام بجزيئات ثاني أكسيد الكربون.
ويضيف أوزتورك: "سيساعدنا هذا على فهم الآليات التي تولد اضطرابات واسعة النطاق تنتقل عبر العالم. وسيساعد فهم الشفق القطبي أيضا على إنشاء تنبؤات أكثر دقة بالطقس الفضائي".
نُشرت النتائج مؤخرا في مجلة Geophysical Research Letters.