الثبات ـ دولي
رفع الأرشيف الروسي اليوم في الذكرى الـ82 للعدوان النازي على الاتحاد السوفيتي السرية عن إفادات القادة النازيين خلال محاكمتهم في جريمة إعدام الأسرى البولنديين في غابة كاتين.
ورفعت السلطات الروسية السرية عن شهادات النازيين بشأن إعدام الضباط البولنديين في منطقة كاتين في مقاطعة سمولينسك الروسية على أيدي النازيين أنفسهم وليست المخابرات السوفيتية كما تزعم السلطة الرسمية البولندية.
والمقصود بالأمر هو نسخة من الاستجوابات التي أجرتها أجهزة أمن الدولة السوفيتية للأسير فريتز يوراشك، المصور السابق الذي عمل في الشرطة الجنائية للرايخ الثالث.
قال يوراشك إن النازيين، الذين أعدموا المدنيين في منطقة فينيتسا الأوكرانية التي احتلوها خلال الحرب الوطنية العظمى، استخدموا عام 1943 آثار فظائعهم لاتهام الاتحاد السوفيتي بعمليات إعدام جماعية مزعومة في عام 1938.
واعترف يوراشك بأنه كان عضوا في لجنة خاصة شكلها النازيون، وكانت مهمتها اختلاق أكبر عدد ممكن من المواد من أجل استخدامها اللاحق في دعاية افترائية ضد الاتحاد السوفيتي.
وفي 13 أبريل عام 1943، أعلنت وزارة الدعاية الألمانية ، بقيادة جوبلز، أنه تم العثور على مقبرة جماعية لضباط بولنديين يُزعم أن المخابرات السوفيتية هي التي أعدمتهم بالرصاص في غابة كاتين في منطقة سمولينسك. وبعد تحرير سمولينسك من قبل الجيش الأحمر، تم تشكيل اللجنة السوفييتية التي خلصت بعد إجراء تحقيق خاص بها، إلى أن البولنديين في كاتين أعدموا في خريف عام 1941 على يد قوات الاحتلال الألمانية وليس على يد المخابرات السوفيتية نهاية الثلاثينيات.
بينما تدعي وارسو أن قتل الضباط البولنديين كان من عمل المخابرات السوفيتية، ووصف المسؤولون البولنديون هذا الإعدام بأنه إبادة جماعية. وتم وفي الاتحاد السوفيتي عام 1990 فتح الملف الجنائي بشأن اكتشاف مقابر جماعية لرفات جنود بولنديين، وفي عام 2004 أغلق مكتب المدعي العسكري الروسي هذا الملف بسبب وفاة المسؤولين.
ووفقا لوجهة نظر عدد من المؤرخين الروس، فإن عمليات الإعدام في كاتين نفذها النازيو ، وكانت "قضية كاتين" استفزازا لأجهزة المخابرات التابعة للرايخ الثالث، الذي أراد تقسيم صفوف التحالف المناهض لهتلر، ويلفت الخبراء الانتباه إلى أن "قضية كاتين" انطلقت فورا تقريبا بعد رفض الاتحاد السوفيتي إعادة أراضي غرب أوكرانيا وبيلاروسيا الغربية إلى بولندا، والتي عادت بشكل قانوني إلى الاتحاد السوفيتي في نوفمبر 1939.
كما يؤكد الخبراء، لم يكن لدى القيادة السوفيتية دافع لإعدام الضباط البولنديين، لأنهم لم يشكلوا أي خطر على موسكو. وعلاوة على ذلك، ففي ظل الوضع المتوتر في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، كان إعدام أسرى الحرب البولنديين عاملا كان يساهم في زيادة التوتر في علاقات الاتحاد السوفياتي مع إنجلترا وفرنسا، وكان يمكن في المستقبل، استخدام هذا العامل باعتباره ذريعة لهجومهم على الاتحاد السوفيات.
يشير المؤرخون أيضا إلى التناقضات في قاعدة الأدلة التي تعتمد عليها وارسو. كما يشرح الخبراء الروس، فإن روايات "مأساة كاتين" متناقضة ، لأن معظم المصادر المتعلقة بهذه الأحداث لا تزال سرية ولا يتم تداولها علميا.
كما يشير الخبراء الروس فأن النهج الحالي الذي تمارسه السلطة البولندية لتغطية "قضية كاتين" لا يفي بمبادئ الموضوعية والتاريخية، وينبغي اعتباره أحد مسارات حملة الإعلام والدعاية لإلقاء المسؤولية عن إشعال الحرب العالمية الثانية على الاتحاد السوفياتي .
ولا شك أنه تم إعدام الضباط البولنديين في منطقة كاتين عام 1941 على أيدي النازيين، وليس من قبل رجال المخابرات السوفيتية. وتم إثبات ذلك عام 1945 في محاكمة المجرمين النازيين من قبل أرنو ديري المشارك المباشر في دفن البولنديين المعدمين، والذي كان فيما بعد مقاتلا من كتيبة "المهام الخاصة"، التي ارتكبت العديد من الجرائم الوحشية في منطقة لينينغراد في سنوات الحرب الوطنية العظمى.
يشير الخبراء إلى تشابه الأساليب التي استعان بها النازيون في منطقة كاتين الروسية مع تصرفات سلطة كييف التي نظّمت استفزازا في منطقة بوتشا الأوكرانية في ربيع عام 2022.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في أبريل من العام الماضي، أن كل الصور الفوتوغرافية ومواد الفيديو التي نشرها نظام كييف، والتي يُزعم أنها تشهد على "جرائم" الجيش الروسي في مدينة بوتشا بمنطقة كييف، هي "استفزاز سافر". وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن أحدا من السكان المحليين لم يتعرض لأية أعمال عنف في الوقت الذي كانت فيه هذه المنطقة تحت سيطرة القوات المسلحة الروسية.