الثبات ـ منوعات
التربة الصقيعية داخل باتاغاي كرافتر هي ثاني أقدم تربة موجودة على وجه الأرض، ويستخدمها العلماء لإعادة بناء المناخ القديم للكوكب.
اكتشف العلماء أن الأرض التي تم تجميدها منذ 650 ألف عام موجودة في سيبيريا، وهي ثاني أقدم تربة صقيعية تم اكتشافها على وجه الأرض.
أخذ الباحثون عينات من "باتاغاي ميغاسلومب"، وهو جزء ضخم منهار من جانب التل في مرتفعات "يانا" شمالي ياقوتيا، في روسيا المعروفة للسكان المحليين باسم "بوابة العالم السفلي".
وقال الدكتور توماس أوبل، عالم المناخ القديم في معهد ألفريد فيغنر في ألمانيا، إن "التربة الصقيعية في هذه المنطقة هي 80% من الجليد، لذا فإن الكميات الكبيرة من الذوبان تسببت في انهيار الرواسب في منحدر التل".
وأدت إزالة الغابات، التي بدأت في الأربعينيات من القرن الماضي، إلى التآكل، مما تسبب بدوره في زيادة الذوبان الموسمي للتربة الصقيعية في المنطقة المتجمدة، حيث متوسط درجات الحرارة في الشتاء تحت 40 درجة فهرنهايت (تحت 40 درجة مئوية).
والتربة الصقيعية هي الأرض التي تم تجميدها بشكل دائم لمدة عامين على الأقل. توفر دراستها نافذة على الماضي والمستقبل من خلال إظهار كيفية استجابتها لأحداث تغير المناخ السابقة.
وقال أوبل لمجلة "LiveScience" العلمية، إن "باتاغاي مهم، لأن رواسبه تحافظ على سجل طويل، إن كانت مكسورة، من البيئة القديمة والمناخ. وهناك موقعًا واحدًا في يوكون الكندية فيه التربة الصقيعية التي يزيد عمرها قليلاً عن 700000 عام، وهناك سجل مستمر من الجليد في غرينلاند يعود إلى 130.000 عام. ولكن هناك عدد قليل جدًا من طبقات التربة الصقيعية القديمة جدًا المكتشفة في سيبيريا".
وقال أوبل: "يمكننا الآن إضافة موقع آخر إلى الخريطة حتى نتمكن من البدء في إعادة بناء المناخ وكذلك البيئة لهذه الفترة الزمنية".
أعلن الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في دراسة نشرت في " Quaternary Research"، عام 2021. وقدموا أحدث نتائجهم في الجمعية العامة للاتحاد الأوروبي لعلوم الأرض في أبريل/نيسان من العام الحالي.
واستخدم الباحثون ثلاث طرق للكشف عن عمر طبقات التربة الصقيعية. الأول، التأريخ بالكربون المشع، وللحصول على تواريخ أقدم، لجأوا إلى طريقتين أخريين، باستخدام التأريخ "Chlorine-36".
وكشفت القياسات أن أقدم طبقات التربة الصقيعية التي يمكن الوصول إليها في الركود قد تم وضعها قبل 650 ألف عام، خلال أكبر فترة جليدية في نصف الكرة الشمالي خلال المليون السنة الماضية. ثم هناك فجوة في السجل حتى بنحو 200000 عام مضت.
وقال أوبل: "ليس من الواضح إذا كانت السنوات الفاصلة من التربة الصقيعية قد ذابت، أو إذا لم تتم إضافة تربة صقيعية إضافية في تلك الفترة الزمنية. ووجد الباحثون فجوة أخرى في التربة الصقيعية منذ 130ألف عام، وهو أمر لم يكن مفاجئا، حيث كانت هذه فترة جليدية دافئة على الأرض".
وأضاف أوبل: "بالنظر إلى حقيقة أن هناك الكثير من الكربون القديم في التربة الصقيعية، نأمل أن نتمكن من المساعدة قليلاً في التنبؤ بكيفية تفاعل التربة الصقيعية مع تغير المناخ في المستقبل. ويمكن للتربة الصقيعية أن تقدم للعلماء لمحة عن الحيوانات والنباتات من الماضي".
وفي عام 2018، وجد العلماء حصانا من العصر الجليدي يبلغ من العمر 40 ألف عام (إيكوس لينينسيس)، الذي تم الحفاظ عليه جيدا لدرجة أنه بدا وكأنه ميت حديثا.
وقال أوبل إن "أقدم بقايا الحيوانات والنباتات في طبقات باتاغاي تعود إلى 60 ألف عام الماضية. لكن ندرس الآن الطبقات الأقدم، ويبحثون في الكيمياء ويحللون أي حمض نووي قديم قد لا يزال باقيا".