الثبات ـ فلسطين
تحولت قضية مدرسة اليتيم العربي في القدس إلى قضية رأي عام مؤخراً تشغل عقول المقدسيين وكل المهتمين، فهذه المدرسة التي تقوم على 42 دونماً في بيت حنينا شمال القدس الشرقية المحتلة، تشكل ثاني أكبر قطعة من أرض القدس بعد المسجد الأقصى المبارك، وهي مدرسة متكاملة بمبانيها وتجهيزاتها ومنشآتها التي بُنيت وجهزت من خبرات ألمانية على مدى سنوات ما بين 1964-1965، ولطالما كانت المدرسة الصناعية المركزية التي أسهمت في رفد فلسطين بالأيدي الماهرة والعقول الهندسية على مدى عقودٍ من الزمن، كان الطلاب يفدون خلالها من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب القدس، قبل أن يحاصرها جدار الفصل العنصري وأن تسبقها رياح التغيير التي أدت إلى انحسار الإقبال على التعليم الصناعي التقليدي.
خلال العام الدراسي 2022/2023 ، تصدرت قضية المدرسة الصناعية واجهة الاهتمام بعد أن بدأت جمعية اليتيم العربي في عمان جملة تغييرات في المدرسة، فأعلنت عن إغلاق ثمانية من اختصاصاتها الأحد عشر، وأعلنت تسريح المعلمين الذين يعلّمون في تلك الاختصاصات، وأعلنت عن توجه نحو إعادة هيكلة شاملة تحت ضغط تراجع الموارد المالية، والحاجة إلى تفعيل المدرسة وتحديث برامجها وزيادة عدد طلابها. لكن ذلك تزامن في الوقت عينه مع حديث عن توجهات استثمارية تشارك فيها عدة جهاتٍ مهتمة، وقد أدى تزامن إغلاق المشاغل وتسريح المعلمين مع هذه التوجهات الاستثمارية التي عبرت عنها بعض الأسماء التي تولت مباشرة إغلاق التخصصات، أدى كل هذا إلى إثارة مخاوف في الشارع المقدسي من أن تتوقف المدرسة، لا سمح الله، أو أن تؤول إلى شكل استثماري يفتح الباب واسعاً أمام الاستيلاء الإسرائيلي، خصوصاً وأن الاحتلال يضع المدرسة تحت مجهره الاستيطاني، وهي المحاطة من حولها ببؤر الاستهداف. فالمنطقة الصناعية "عطاروت" تطوقها من الغرب والشمال الغربي، ومطار/ القدس/ قلنديا إلى الشمال منها ومقر للشرطة وحرس الحدود اسفل المدرسة، ويعمل الاحتلال على تحويله إلى خزان استيطاني، فيما يقع إلى جنوبها مدخل مغارة وعر أبو هرماس، كبرى المغارات الطبيعية في فلسطين، والتي يتطلع الاحتلال إلى تحويلها إلى "متنزه قومي" لكن وجود المدرسة الصناعية هو ما يمنعه من ذلك حتى الآن، كما ينص مشروع الاحتلال تجاه المغارة.