الثبات ـ فلسطين
بعد 75 عامًا على نكبة فلسطين وما تخللها من جرائم ارتكبتها العصابات الصهيونية ثم أعلن قادة تلك العصابات قيام دولة إسرائيل، فإن تساؤلات كثيرة تثار حول إمكانية محاسبة إسرائيل على تلك الجرائم، حيث يؤكد خبراء وحقوقيون أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم كمبدأ عالمي، لكن الخلاف في إمكانية محاسبة مرتكبي تلك الجرائم، فهل يمكن محاسبة إسرائيل فعلاً على الجرائم التي ارتكبت في النكبة؟
ويقول مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" عمر رحال في حديث لـ"القدس" دوت كوم: "كما هو معلوم فإن الجرائم لا تسقط بالتقادم، وما ارتكبته العصابات الصهيونية من جرائم في النكبة يعد خرقًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، والحديث عن إمكانية محاسبة إسرائيل على تلك المجازر أمر مهم وممكن".
وأشار رحال إلى أن المحاسبة أمر ممكن في ظل اعترافات وثقت بالصوت والصورة لمن ارتكبوها، كما حدث في فيلم الطنطورة، وبمخض ارادتهم، "فتلك الاعترافات تستخدم كقرائن وإدانات لهم، خاصة أن الجرائم تصنف في ما يشبه الإبادة الجماعية، وكذلك قتل الأسرى وإعدامهم بعد اعتقالهم.
أما في حال موت مرتكبي تلك الجرائم، فإن رحال يؤكد أن دولة الاحتلال تتحمل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية، وتلاحق من باب التعويض على الجرائم التي ارتكبت، وإعادة الاعتبار للاجئين الذين شردوا من ديارهم، وأهالي الضحايا الذين وصل عددهم في النكبة إلى أكثر من عشرة آلاف شهيد.
ووفق رحال، يمكن محاسبة دولة الاحتلال من خلال المؤسسات الدولية الحقوقية بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية، ومن أجل إثبات حق العودة، خاصة أن معاناة اللاجئين لا زالت مستمرة ولا يتمكنون من العودة إلى بلدانهم التي هجروا منها، ومن المفترض أن يتم محاسبة دولة الاحتلال على تلك الجرائم.
وشدد رحال على المرجعية القانونية الدولية لحق تقرير المصير باعتباره حق مطلق لكافة الشعوب والجماعات الأثنية أو العرقية أو اللغوية أو الثقافية التي ما زالت ترزح تحت حكم وقهر الاحتلال الكولونيالي، باعتبار هذا الحق حق جماعي كفلته العديد من المواثيق الدولية.
وقال رحال: "إن الشعب الفلسطيني ما زال مسلوباً من حق تقرير المصير، ومازال يعيش النكبة والمأساة والمعاناة نتيجة تماهي وتآمر الدول الاستعمارية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في سلب حقوق ومقدرات الشعب الفلسطيني من خلال احتلال كولونيالي استيطاني لأرضه ومقدراته الوطنية وممارسة نظام الفصل العنصري على الشعب الفلسطيني على مرآى ومسمع العالم أجمع".
وطالب رحال المجتمع الدولي بضرورة الوقوف أمام مسؤولياته التاريخية في رفع الظلم والإجحاف وإنهاء نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة.
من جانبه، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر في حديث لمراسلنا، أن الجرائم التي ارتكبتها العصبات الصهيونية من خلال المجازر التي ارتكبت في نكبةفلسطين عام 1948، لا تسقط بالتقادم، مهما طالت السنوات، وأن من أبرز تلك الجرائم عملية إعدام الأسرى بعد اعقتالهم خلال النكبة وتهجير الأهالي من بلدانهم وقراهم ومدنهم.
في هذه الأثناء، يقول مدير عام مؤسسة "الحق" شعوان جبارين لـ"القدس" دوت كوم: "إن جرائم العصابات الصهيونية في نكبة فلسطين لا تسقط بالتقادم وفق القانون الدولي، خاصة أن الجرائم التي ارتكبت تصنف جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، وتهجير للسكان، وكذلك الإعدام العمد، وتدمير الممتلكات".
لكن وبحسب جبارين، فإنه لا يوجد جهة اختصاص لمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم، سوى انتصار الشعب الفلسطيني ومحاكمة مرتكبي تلك الجرائم، منوهًا إلى أن الجرائم التي ارتكبت قبل العام 2004، لا تدخل ضمن ولاية المحكمة الجنائية الدولية، رغم العلم بعدم سقوط الجرائم الدولية بالتقادم.