الثبات ـ دولي
خاض الاتحاد السوفيتي قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية باجتياح ألمانيا النازية لبولندا، قتالا عنيفا ومصيريا حول نهر خالخين غول في منغوليا تواصل من 11 مايو 1939 حتى 16 سبتمبر.
تلك الحرب المجهولة بدأت بادعاء اليابانيين أن الحدود بين منغوليا ودويلة "مانشوكو" الدمية التي اقاموها في عام 1932 على أراضي منشوريا يحب أن تمتد على طول نهر خالخين غول، فيما رفضت منغوليا المتحالفة مع الاتحاد السوفييتي ذلك مصرة على أن الحدود تتوقف شرق النهر بمسافة بين 20 إلى 25 كيلو مترا.
هاجم اليابانيون المناطق السكنية الحدودية المنغولية في 11 مايو 1939، وبحلول 14 مايو وصلوا إلى ضفة النهر.
أعلنت اليابان أن هذه الأراضي ستضم للدولة الدمية "مانشوكو"، وكانوا يتوهمون أن اقتطاعهم أراضي منغوليا ومنحها بسخاء إلى كيانهم المصطنع هناك سيمر من دون عقاب.
الاتحاد السوفيتي الذي كان وقع اتفاقية للمساعدة المتبادلة مع جمهورية منغوليا الشعبية في 12 مارس 1936 ، وإرسال أجزاء من الفيلق الخاص رقم 57 إلى منطقة الصراع.
بحلول نهاية مايو، طردت القوات السوفيتية المنغولية اليابانيين من أراضي منغوليا، إلا أن القتال لم ينته عند هذا الحد.
بدأت حرب في السماء بين الاتحاد السوفيتي واليابانيين، وأرسلت موسكو طرازين من مقاتلات "تشايكا"، وبنهاية يونيو من نفس العام قلب الطيارون السوفييت الموازين وسيطروا على أجواء المنطقة.
أرسلت اليابان تعزيزات كبيرة إلى قواتها في تلك الجبهة، وشنت في 2 يوليو 1939 هجوما كبيرا على الوحدات السوفيتية والمنغولية على الضفة الشرقية لنهر خالخين غول، فيما عبرت القوات اليابانية النهر واستولت على جبل بيان تساجان على ضفته الغربية بهدف إقامة منطقة حصينة لتدمير القوات السوفيتية.
في تلك الفترة استلم غيورغي جوكوف الذي سيلمع اسمه لاحقا في المعارك ضد الغزاة النازين الألمان، قيادة المعركة ونجح في هزيمة القوات اليابانية المهاجمة يوم 5 يوليو وأجبرها على الفرار مخلفة جميع أسلحتها الثقيلة.
في نفس الوقت دارت معركة جوية واسعة النطاق شارك فيها ما يصل إلى 300 طائرة من كلا الطرفين.
لم يتوقف القتال، وحاولت القوات اليابانية مجددا في 8 يوليو الهجوم على المواقع السوفيتية على الضفة الشرقية من ذلك النهر الدامي، لكنها تراجعت إلى مواقعها السابقة بعد يومين من القتال العنيف على الأرض وفي الجو، حيث خسر سلاح الجو الياباني 67 طائرة، مقابل 20 سوفيتية.
في تلك الأثناء أمسك السوفييت بزمام المبادرة ووجهت قواتهم في 20 أغسطس من نفس العام، ضربات استباقية للقوات اليابانية التي كانت تستعد لشن هجوم جديد وشيك.
تفاجأ اليابانيون بضربات القوات السوفيتية التي نجحت بتدمير جزء من القوات اليابانية وتطويق أخرى، فيما فشلت كل الجهود لفك الحصار.
بحلول 31 أغسطس حرر السوفييت والمنغوليون جميع الأراضي التي كان انتزعها اليابانيون في السابق، وتوقف الجيش الأحمر عند الحدود القديمة بين منغوليا والصين.
مع بداية سبتمبر 1939، حاول اليابانيون مرة أخرى العبور والوصول إلى المناطق القريبة من النهر، إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل.
القتال بين الطرفين تواصل في الجو، حيث جرت في 15 سبتمبر معركة جوية كبيرة انتهت بضربة موجعة لليابانيين.
توقف عناد اليابانيين عند هذا الحد أوقفوا القتال، ووقعوا هدنة مع السوفييت في نفس اليوم، وانتهت تلك الحرب في 16 سبتمبر 1939.
بحسب البيانات السوفيتية، زادت الخسائر البشرية اليابانية عن 60 ألف بين قتيل وجريح وأسير، فيما فقد الجيش السوفيتي حوالي عشرة آلاف بين قتيل ومفقود، و15 ألف جريح.
تلك الحرب المنسية استمرت 4 أشهر، لكنها كانت مصيرية، فلم تجرؤ اليابان بعدها وخاصة عامي 1941 و1942 في أوج الغزو الألماني النازي، على مهاجمة الاتحاد السوفيتي.