الثبات ـ عربي
شددت مصر على ضرورة الوقف الفوري والعام والشامل لإطلاق النار في السودان، وضمان الالتزام به، وبما لا يقتصر على الأغراض الإنسانية، حقنا للدماء.
وأكد مندوب مصر بمجلس الأمن الدولي في جلسته حول السودان اليوم الأربعاء، على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السودانية واستقلال وسيادة السودان، وهو الأمر الذي يمثل عمقا استراتيجيا للأمن القومي للمصري.
وحذر من أي تدخل خارجي في السودان أيا كانت طبيعته أو مصدره، بما من شأنه أن يؤجج الصراع، مؤكدا أن النزاع في السودان هو شأن داخلي خالص.
وجاء نص كلمة مصر أمام جلسة مجلس الأمن الدولي حول السودان كالتالي:
تعرب مصر عن تضامنها التام والكامل مع الشعب السوداني الشقيق في أزمته الحالية، والتي تفاقم من الأزمات المركبة والمتتالية التي يعاني منها السودان على مدار سنوات عدة، وتؤكد مصر استعدادها الدائم لتقديم كافة أوجه الدعم للخروج من الأزمة الراهنة، والعودة بالسودان إلى مسار التهدئة والحوار السلمي حقنًا لدماء الشعب السوداني.
كما تعرب مصر عن بالغ أسفها لسقوط ما يتجاوز المئات من الضحايا والمصابين جراء الاشتباكات المسلحة في السودان، وأكثرهم من المدنيين من الشعب السوداني الشقيق.
إن استمرار المواجهات المسلحة والخرق المتكرر لإعلانات وقف إطلاق النار المتتالية مدعاة للقلق العميق، حيث يعرض ذلك حياة المدنيين السودانيين ومواطني الدول الأجنبية المقيمين في السودان إلى الخطر، ويؤدي إلى تدهور متسارع للأوضاع المعيشية الصعبة في السودان.
وإذ تعرب مصر عن أملها في أن يتم الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار المعلن أمس وأن يتسم بالاستدامة، فإنها تؤكد أهمية السعي الحثيث لإعلاء صوت الحكمة ووقف العدائيات واللجوء إلى الحوار لحل الخلافات التي ساهمت في اندلاع الاشتباكات.
ومن هذا المنطلق، شاركت مصر في 20 أبريل الجاري في الاجتماع الوزاري الخاص الدولي الذي عقدته مفوضية الاتحاد الإفريقي حول الوضع في السودان، وانضمت إلى البيان الختامي الصادر عنه، إلى جانب الاتصالات المكثفة التي تجريها مصر مع كافة الأطراف الفاعلة الدولية والإقليمية، على مستوى كل من مسئولي الدول والمنظمات للتباحث حول سبل الخروج من الأزمة الحالية.
وميدانيا، تتعاون مصر مع العديد من الدول لإتمام إخلاء الرعايا المصريين والأجانب المقيمين في السودان، كما نود التنويه في هذا الخصوص باستجابة السلطات السودانية وتعاونها لتيسير إجلاء الرعايا المصريين والأجانب، على الرغم من صعوبة وخطورة الوضع الأمني، كما تحيي الأمم المتحدة وبعثة يونيتامس على جهودها على كافة الأصعدة.
إن مصر بما لديها من تاريخ وروابط متجذرة مع السودان حريصة كل الحرص على حقن دماء الشعب السوداني، وعلى عودة الاستقرار والهدوء، وتشدد على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السودانية واستقلال وسيادة السودان، وهو الأمر الذي يمثل عمقا استراتيجيا للأمن القومي للمصري.
وانطلاقا من ذلك، فإن موقف مصر فيما يتعلق بالشأن السوداني وتطورات الأوضاع الميدانية ثابت وواضح، ويتلخص فيما يلي:
أولًا: تشدد مصر على ضرورة الوقف الفوري والعام والشامل لإطلاق النار، وضمان الالتزام به، وبما لا يقتصر على الأغراض الإنسانية، وذلك حقنًا للدماء السودانية وحفاظًا على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السوداني الشقيق.
ثانيًا: إن النزاع في السودان هو شأن داخلي خالص، وتحذر مصر في هذا الخصوص من أي تدخل خارجي في السودان أيًا كانت طبيعته أو مصدره، بما من شأنه أن يؤجج الصراع، وبحيث نتجنب جميعًا داخليًا في السودان، وكذلك إقليميًا ودوليًا، معاناة تكرار التجارب المزعزعة للاستقرار والسلم والأمن التي شهدناها ولا نزال في دول أخرى في المنطقة، داخل أفريقيا وخارجها.
ثالثا: تشدد مصر على وجوب الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة في السودان وعدم تعريضها لخطر الانهيار أو الانفراط، بما يخرج عن الإطار التقليدي لأية دولة وطنية حديثة.
رابعا: تؤكد مصر حتمية العودة إلى الحوار السياسي في السودان، وتعرب عن أملها في أن تنتهي العمليات العسكرية في أقرب وقت تجنبًا للانزلاق إلى وضع أمني أكثر سوءا وأشد خطورة على السودان وشعبه ونلقي الضوء هنا على ضرورة أن تتسم أية عملية سياسية مستقبلية في السودان بالشمول وكل الحرص في تناول الملفات الشائكة والمتشابكة.
خامسا: لا يغيب عن أي من أطراف المجتمع الدولي ما يعانيه السودان منذ عقود من أوضاع اقتصادية متردية، وأن أحد النتائج المباشرة للنزاع الحالي هو تسارع وتيرة تدهور هذه الأوضاع، وما يضيفه ذلك من أعباء مضاعفة نتيجة انهيار البنى التحتية، وإن كنا لا نستطيع قياس حجم ذلك في الوضع الراهن، ولكنه حتمًا سيكون له تبعات شديدة السلبية على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والإنسانية للشعب السوداني، وهو الأمر الذي يتعين التحسب له والتأهب للاستجابة السريعة لتداركه من جانب المجتمع الدولي.
وختاما، تؤكد مصر مجددا على دعمها المستمر والثابت للسودان، وسعيها الحثيث لتهدئة الأوضاع واستعادة الأمن والاستقرار، كما تؤكد على استعدادها الدائم للعمل مع كافة الأطراف والشركاء الدوليين لنزع فتيل الأزمة الراهنة في أقرب وقت ممكن.