الثبات ـ عربي
عادت قضية المرشح الرئاسي والعسكري السابق في الجزائر علي غديري لتتصدر الواجهة، بعد قرار مفاجئ ببرمجة محاكمته أمام مجلس قضاء الجزائر قبل 40 يوما من تاريخ مغادرته السجن الذي يقبع فيه منذ نحو أربع سنوات.
وسيكون على غديري المثول أمام محكمة الجنايات الاستئنافية يوم 16 أيار/مايو المقبل، وفق ما أكدته المحامية وعضو هيئة الدفاع عنه نبيلة سليمي للدفاع من جديد عن براءته من التهم الموجهة له، والتي تتعلق ببعض مواقفه وتصريحاته ونشاطاته التي اعتبرتها جهات التحقيق مضرة بالأمن العام.
وجاءت برمجة المحاكمة على خلاف ما كان متوقعا، فقد بقت قضية غديري خارج قائمة محاكمات الدورة الحالية في مجلس قضاء الجزائر، حتى ظن الجميع بما فيهم محاموه أن المحاكمة ستكون بعد مغادرته السجن، لكن الأمور انقلبت بشكل مفاجئ ليتم الإعلان عن جدولة المحاكمة منتصف الشهر المقبل.
استقبل أنصار غديري بتوجس القرار المفاجئ ببرمجة محاكمته أمام مجلس قضاء الجزائر قبل 40 يوما من تاريخ مغادرته السجن الذي يقبع فيه منذ نحو أربع سنوات
واستقبل هذا الخبر لدى أنصار غديري والمتابعين لقضيته بنوع من التوجس، حيث قال البعض إنهم يخشون أن يتم الرفع من مدة عقوبته خلال محاكمته الجديدة بما يعيق خروجه المنتظر من السجن، بينما ذكرت المحامية نبيلة سليمي ردا على هذه المخاوف في صفحتها على فيسبوك إنه “يجب أن نبقى متفائلين”.
وعلقت صفحة “كلنا علي غديري” التي تضم عددا كبيرا من مسانديه، على برمجة المحاكمة بالقول: “لقد أصبح من الضروري أن يتم تقديم المصلحة العليا للبلاد على أي اعتبار آخر وتغليب صوت الحكمة مع تغييب المصالح الشخصية الضيقة وتطبيق القانون بكل نزاهة وعدل، كي يتم إنصاف الدكتور وتبرئته ورد الاعتبار له من تهمة لا تليق برجل خدم وطنه و شرف المؤسسة العسكرية لأكثر من أربعين سنة”.
ويعود سبب إعادة محاكمة غديري لكون المحكمة العليا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قد قررت نقض الحكم الصادر في حقه مع إحالة قضيته من جديد على مستوى مجلس قضاء الجزائر للمحاكمة بتشكيلة جديدة من القضاة، وهو قرار اعتبرته هيئة دفاعه إيجابيا بالنظر لكون المحكمة العليا نقضت الحكم بناء على طعن المحامين وليس النيابة.
وأفادت المحامية نبيلة سليمي بعد قرار المحكمة العليا، أن طعن الدفاع تضمن رصد خروقات في الشكل كون القاضي الذي نظر في ملف غديري هو قاض برتبة مستشار، بينما قانون الإجراءات الجزائية في أحكامه ينص على أن يكون القاضي برتبة رئيس، وخروقات أخرى في الموضوع، بسبب افتقاد الجناية المتابع بها غديري لأركانها المادية والمعنوية مما يوجب نقض وإبطال القرار.
والحكم الذي نقضته المحكمة العليا هو ذلك الذي صدر عن المحكمة الاستئنافية بمجلس قضاء الجزائر في كانون الثاني/يناير 2022، بـ4 سنوات سجنا نافذا على غديري والذي تم بموجبه تأييد الحكم الابتدائي الصادر عن محكمة الدار البيضاء بالابتدائية بالعاصمة.
يوجد في السجن منذ يونيو 2019، بتهم المشاركة في تسليم معلومات إلى عملاء دولة أجنبية تمس بالاقتصاد الوطني والمساهمة في إضعاف الروح المعنوية للجيش، وهي التهم التي يرفضها
ويوجد العسكري السابق في السجن منذ جوان/يونيو 2019، حيث تم حبسه في ذروة مظاهرات الحراك الشعبي، بتهم المشاركة في تسليم معلومات إلى عملاء دولة أجنبية تمس بالاقتصاد الوطني والمساهمة في وقت السلم في مشروع إضعاف الروح المعنوية للجيش قصد الإضرار بالدفاع الوطني، وهي التهم التي ظل يصر على إنكارها معتبرا أنها تسيء لسمعته وتاريخه.
وكان من بين ما أثار غضب قيادة الجيش على غديري سنتي 2018 و2019، الرسائل والحوارات التي وجهها عبر جريدة الوطن الفرنكوفونية إلى الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الراحل، لاقتراح حل سياسي لمواجهة أزمة ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة رغم مرضه، وهو ما دفع بها لمتابعته بسبب خروجه عن واجب التحفظ كونه عسكري سابق وشغل منصب رفيعا في وزارة الدفاع.
وفي محاكمته، أكد غديري أن ما كتبه على جريدة الوطن كان الهدف منه حسبه إيجاد حل للأزمة السياسية التي كانت تتخبط فيها البلاد، مشيرا إلى أنه لا يمكنه أبدا أن يمس بمعنويات الجيش الذي أعطاه كل حياته. وذهب العسكري السابق إلى القول في رسالة نشرها محاموه من داخل سجنه إلى حد القول بأن “النظام يتعمد سلب حريته، حتى يكون عبرة لأي عسكري يفكر بمنطق المواطنة”.
وبرز غديري بعد تقاعده من المؤسسة العسكرية من خلال سلسلة مقالات نقدية نشرها عبر جريدة الوطن دافع فيها عن فكرة القطيعة مع سياسات النظام، وهي خطوة مهدت بعد ذلك لإعلان ترشحه لانتخابات نيسان/أبريل 2019 التي أجهضها الحراك الشعبي. وأثار ترشح غديري الحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية جدلا واسعا حينها، بعد أن رأى مهاجموه أنه مدعوم من قبل جناح في السلطة لمواجهة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.