الثبات ـ عربي
تحدثت مجموعة من الخبراء المصريين عن الضجة الواسعة في البلاد التي حدثت خلال الساعات الماضية، بعد تداول أنباء حول السماح لمواطني السودان بدخول مصر دون تأشيرة.
وقال أستاذ التاريخ المعاصر والمختص في الشأن السوداني والقيادى الناصري أحمد الصاوي، "الأوضاع الإنسانية الصعبة الناجمة عن الحرب في السودان طرحت تساؤلات منطقية بشأن إمكانية أن تسمح مصر للذين ينجون بأنفسهم من الموت والدمار بدخول مصر بدون تأشيرة دخول".
وتابع الصاوي في تصريحات لـRT: "من قائل بأنه يجب على الفور إلغاء العمل بنظام التأشيرة الحالي والذي يوجب على الرجال البالغين القادرين على العمل (16-61) وحدهم الحصول على تأشيرة مسبقة إلى من يطالب بمنع دخول السودانيين كليا في هذه المرحلة نظرا للظروف الاقتصادية الخانقة والتي لا تحتمل أعباء لاجئين جدد زيادة عن الأعداد التي صبتها أحداث المنطقة العربية في مصر".
وأشار إلى أنه: "بين أولئك وهؤلاء يرى أكثر المتابعين للشأن السوداني ضرورة الابقاء على النظام الحالي للتأشيرة لأنه يسمح للأطفال والنساء بالدخول دون تأشيرة وكذلك للرجال فوق الستين عاما، ورغم تفهمي للدوافع الاقتصادية والمخاطر الأمنية التي قد تترتب على إلغاء نظام التأشيرة المعمول به حاليا أرى في الفترة الراهنة ونظرا للأوضاع الإنسانية الصعبة التي يكابدها أشقاؤنا في السودان أن تجرى بعض التعديلات على نظام التأشيرة الحالي ولو بصفة مؤقتة فيسمح للذين لديهم أقارب يتمتعون بإقامة مستقرة بمصر أن يلتحقوا بأقاربهم وكذلك للذين يحملون تأشيرات دخول سابقة حتى لو لم تكن سارية وكذلك للذين أقاموا سابقا بمصر لفترات تتجاوز العام الواحد".
ونوه: "أعتقد أن الحكومة في مصر عليها أن تفكر ولأول مرة في ترتيب استقبال الفارين من القتال بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين بالأمم المتحدة وكذلك الاتحاد الأفريقي في مناطق محددة داخل الحدود المصرية مع توفير سبل الراحة الإنسانية رثيما تهدأ الأمور في السودان لأنه بمنتهى البساطة يعز علي أن يغلق بابنا أمام أخوتنا مهما كانت المحاذير والمخاوف والمخاطر فمصر هي وطنهم أيضا رغم أنف الساسة".
من جانبه، قال اللواء خيرت شكري وكيل جهاز مباحث أمن الدولة السابق في مصر، إن الوضع في السودان يزداد سوءا كل يوم، حرب أهلية وقتال امتد لمناطق متعددة داخل السودان.
وتابع: "بالطبع الأمور سوف تتأزم أكثر إذا تدخل حلفاء كل طرف من أطراف النزاع في الحرب لأن السودان مطمع بثرواتها، وموقعها الاستراتيجي لدول عظمى ودول جوار".
ونوه بأن الأمور سوف تشتعل وتخرج عن السيطرة لو حدث تدخل فعلي على الأرض، والأمر خطير والحدود الجنوبية المصرية مع السودان تهددها الأحداث القائمة (الحرب الأهلية) بين الجيش السوداني النظامي والجيش الموازي لقوات الدعم السريع.
وتساءل شكري: "السؤال أين جامعة الدول العربية، إن ما يحدث من وجهة نظري وراءه أمريكا، ويذكرني بما حدث في العراق لجر المنطقة إلى ما يعرف بالفوضى الخلاقة، التي فشلت في تنفيذها في عهد أوباما، واليوم يعاد تكرارها في عهد نائبه بايدن".
من جانبه، قال الخبير في الشأن الإفريقي رأفت محمود إنه: "طبعا توجد مخاطر في منح تأشيرة دخول مجانية لمصر لأسباب عديدة منها دخول عناصر كانت هاربة للأراضي المصرية من السودان من تنظيمات إرهابية أو كوادر إخوانية كانت هاربة كذلك في ظل الإنفلات الأمنى الحالي في السودان".
وتابع: "وارد دخول عناصر سودانية عليها إشكاليات أمنية سواء كانت جنائية أو متطرفة ومن ناحية أخرى في ظل هذه الأجواء فإن تأمين الحدود المصرية سيلقى بأعباء إضافية على الأمن المصري خاصة أن السودان سيكون معبرا للإرهاب من مناطق أخرى ملاصقة منها ليبيا أو منطقة الساحل الإفريقي والتي يمتد خط الإرهاب فيها من مالي.
وأكد الخبير المصري رأفت محمود أنه مؤخرا ظهرت دعاوي مصرية للحد من تواجد جاليات من دول أخرى نتيجة التزاحم للمصريين في العمل أو رفع أسعار المنتجات أو السكن في عدة مناطق، ويتواكب مع ذلك أحوال اقتصادية تعاني منها مصر حاليا ويتوقع مع استمرار الأحداث في السودان توجه أعداد كبيرة من السودانيين إلى مصر والنموذج المصري في استقبال اللاجئين لا يعتمد على وجود مخيمات مثلا مثل دول أخرى، وسيتم استنفاذ القدرات المصرية على الاسيعاب لعدم القدرة على تسكين تلك الأعداد التي يتوقع قدومها مع الضغط المتوقع على مرافق أخرى مثل الصحة أو توافر المواد الغذائية في ظل موجة التضخم الحالية.
وأشار محمود إلى أنه يتوقع أيضا عدم الانتهاء من الحرب الدائرة قريبا، وبالتالي فإن الأعداد ستتزايد خلال الفترات القادمة والتي يمكن أن تؤثر على المكون الديموغرافي في المنطقة الجنوبية لمصر، خاصة أنه لا يتوقع عودة تلك الأعداد مرة أخرى نظرا للتمتع بالمزايا التي تتوفر في مصر في مقابل عدم عودة الاستقرار قريبا في السودان.
وقال إن كل المؤشرات توضح وجود مخاطر على مصر على أصعدة متعددة سواء أمنية أو اقتصادية وكذلك في ملفات أخرى كملف سد النهضة مثلا.
من جانبها، قالت الصحفية والإعلامية المختصة بالشأن الأفريقي محاسن السنوسي، إن تعاطف الشعب المصري مع الأزمة التي يمر بها السوادن أمر طبيعي بين دول وشعوب تربطهم أواصر قديمة منذ الأزل، والدعوة لدخول الأشقاء السودانيين مصر دون تأشيرة ليست بالأمر الجديد، وان كانت السلطات المصرية أصدرت بيانات في السابق بهذا الشأن، ويجد الأشارة هنا إلي البيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية مايو 2017 والذي جاء فيه بأن السودان ومصر اتفقا على إصدار تأشيرة مجانية لمدة أقصاها 6 أشهر لأصحاب جوازات السفر العادية من البلدين، علي أن يعفى جميع المواطنين فوق سن الخمسين وتحت سن السادسة عشرة، من شرط الحصول على تأشيرة دخول موانئ ومنافذ حدود البلدين.
وتابعت: "كما أن الحصول على تأشيرة السودان من أسهل تأشيرات، إذن ليس هناك غضاضة من اللجوء إلي مصر في ظل الأحداث الجارية في السودان، ولن نتحدث كثيرا عن الأشقاء العرب من دول مختلفة عاشوا ظروف مماثلة لما يحدث الآن في السودان، بل نؤكد على دور مصر المحوري والهام في كيفية التعامل مع الظروف الاستثنائية وخاصة دول الجوار، وحرصا منا كشعب لن نذكر إحصائيات أو أرقام عن الأعداد التي تستضيفها مصر بيت كل العرب".
وأشارت إلى أنه هذا لا يعني أنه لا يحق لمصر أن تفتح ذراعيها دون وضع ضوابط يكفلها القانون المصري، ولاسيما أن حالة الأضطرابات وعدم استقرار السودان قد ينجم عنه تداعيات سلبية على مصر، على سبيل المثال تسلل بعض العناصر الإرهابية إلي مصر أو دخول سلاح بطريقة غير شرعية أو مخدرات، كما يمكن عودة الهجرة غير الشرعية عن طريق الأراضي المصرية، وأتمنى أن يتفهم النشطاء الحقوقيون من مصر والسودان، أن من حق أي دولة أن تمنح التأشيرة لمن يستحقها مع مراعاة ظروف الدولة المضيفة وحقها القانوني وفقا لرؤيتها.