الثبات ـ منوعات
تفتق ذهن البعض إلى المتاجرة بما لا يخطر على بال، وطرحوا للبيع ما لا يطال ولا يعقل، بما في ذلك النجوم والكواكب، وجنى عدد من هؤلاء ثروات طائلة، فكيف تسنى لهم ذلك.
المدهش أن الأمر لا يعلق بفكرة ساخرة، أو طرفة متهكمة على شاكلة، أن رجلا باع الهرم الأكبر، أو آخر باع سمكا وهو لا يزال يسبح في البحر!
الحديث يدور فعلا على مشاريع تجارية جنى أصحابها ولا يزالون من ورائها الملايين من الدولارات. ما يعني وجود طلب على ما يمكن وصفها بـ "الأراضي الفضائية"، وأن زبائن مستعدون لدفع أموال مقابل "شهادة" ملكية في هذا كوكب أو آخر.
مثل هؤلاء الباعة "الفضائيين" كثر. كما أن البعض أعلن وحدد ممتلكاته في الفضاء. على سبيل المثال، أعلن سيلفيو لانجفين أنه يملك جميع كواكب النظام الشمسي، وحاول عدة اشخاص تأكيد أن ملكية القمر تعود إليهم، من بينهم دينيس هوب الذي ادعى أن القمر من أملاكه.
هوب لم يكتف بادعاء ملكيته للقمر، بل صرّح بأنه باع أكثر من 2 مليون فدان من الأراضي في مواقع على سطح القمر بسعر 20 دولارا لكل فدان.
دينيس هوب كان حتى عام 1980، عاطلا عن العمل. وجد الرجل طريقة لتغيير الوضع بشكل جذري. فكر في أن يعلن لأنه يمتلك مناطق فضائية غير مأهولة. وبدا في العمل. أبلغ هوب في بيان الأمم المتحدة بأنه يعتبر نفسه صاحب الحق في القمر والأجسام الأخرى في النظام الشمسي، وطلب مبررا وتفسيرا لاستحالة مثل هذا الأمر.
مرت ثلاثة سنوات، ولم تعترض الأمم المتحدة ولا الدول الأعضاء فيها، على إعلان دينيس هوب، أنه مالك كل الكواكب والكويكبات وتوابعها في المنظومة الشمسية، باستثناء الأرض والشمس.
بدأ هوب إثر ذلك في بيع أراض على سطح القمر ، واصبح مليونيرا من وراء لك، وما كان عليه مقابل ذلك إلا أن يسلم للمشترين شهادات ملكية مشفوعة بتوقيعه!
مثل هذه الشهادات القمرية لا تملك أي سند قانوني، وهي مجرد صك ملكية رمزي، وهو ليس محل نزاع مثل "الهواء"، ولا يمكن الوصول إليه وحمايته لاستحالة ذلك.
هؤلاء المتاجرون بعقارات الفضاء، وجدوا ثغرة في المعاهدة الدولية بشأن الفضاء الخارجي المبرمة في عام 1967، والتي تنص على أنه لا يحق لأي دولة أو شركة امتلاك العقارات على القمر أو الأجسام الكونية الأخرى. وافترضوا أن تلك المعاهدة تحدثت عن الدول والمؤسسات ولم تنص على الأفراد، ودخلوا من هذا الباب!
لم تقتصر الادعاء بهذا الشأن على الأفراد، حيث زعمت "أمة الفضاء السماوي" أنها صاحبة الحق في كل شيء في الفضاء، فيما دفع غريغوري نيميتز، بادعاء متواضع وأعلن أنه يمتلك أحد الكويكبات.
علاوة على ذلك، في حادثة أثارت ضجة واسعة في وسائل الإعلام الدولية، حاول ثلاثة مواطنين يمنيين من دون طائل في عام 1997، مقاضاة وكالة الفضاء الأمريكية ناسا ومنازعتها على كوكب المريخ، بتهمة التعدي على ممتلكات الآخرين، زاعمين أنهم ورثوا المريخ من أجدادهم منذ 3000 عام، وأن بحوزتهم وثائق و"طابو" ملكية لهذا القمر.
وكان المواطنون اليمنيون، آدم إسماعيل ومصطفى خليل وعبد الله العمري، قد قدموا دعوى مشفوعة "بالوثائق" إلى النائب العام في بلادهم، وذلك بعد أن "تجرأت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" وأرسلت المركبتين الفضائيتين "'سوجورنر وباثفايندر" إلى سطح الكوكب الأحمر.
اليمنيون الثلاثة قالوا في دعواهم إن "سوجورنر وباثفايندر، المملوكان من قبل حكومة الولايات المتحدة، هبطتا على سطح المريخ وبدأتا في استكشافه من دون إبلاغنا أو طلب موافقتنا".
في تلك الدعوى التي لم يكتب لها النجاح، ولم تصل إلى المحاكم الأمريكية، طلب اليمنيون ناسا بأن توقف على الفور جميع العمليات على سطح المريخ إلى أن تبت المحكمة في القضية، وطالبوا وكالة الفضاء الأمريكية أيضا بأن تمتنع عن الكشف عم أي معلومات متعلقة بالغلاف الجوي للمريخ أو سطحه أو جاذبيته قبل الحصول على موافقة منهم، أو إلى أن يتم إصدار حكم قضائي.
شبكة "سي إن إن" في تلك المناسبة، نقلت عن براين ويلش، المسؤول البارز في وكالة ناسا وصفه للحادثة بأنها "ادعاء سخيف".
قال ذلك وهو يغالب الضحك، مضيفا أن "المريخ هو كوكب في النظام الشمسي ملك للبشرية جمعاء، وليس لرجلين أو ثلاثة في اليمن".