الثبات ـ عربي
أصدر علماء موريتانيا بيانا نصرة للمسجد الأقصى المبارك، وتنديدا بجرائم الصهاينة بحق المعتكفين.
وبحسب ”المركز الفلسطيني للإعلام”جاء في نص البيان :
الحمد لله القائل في محكم كتابه: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾..
وصلى الله وسلم على رسوله القائل: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأقْصَى) متفقٌ عليه.
وبعد:
فقد تابعنا جميعا ما يقوم به قطعان الصهاينة المحتلين، من عساكر ومستوطنين، خلال شهر رمضان المبارك، من تدنيس للمسجد الأقصى، واعتداء على المصلين داخله، وإذلال للمعتكفين فيه، وإخراج للمتعبدين في رحابه، وسعي دائب في خرابه، وانتهاك مستمر لحرماته..
وأكثر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يتابعون هذه المشاهد، وكأنها لا تعنيهم!!
والأدهى والأمَرُّ أن أكثر حكام المسلمين -وهم المخاطَبون قبل غيرهم بوجوب النصرة والجهاد والتصدي للعدو- إمَّا مُمالِئُون لأشد الناس عداوة للذين آمنوا، أو مطبّعون معهم، أو ﴿يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ إلا من رحم ربك من هؤلاء الحكام، وقليلٌ مَّا هُم!!
أما المجتمع الدولي الذي يتحدث عن حقوق الإنسان، وحرية العبادة، واحترام المقدسات، وحق تقرير المصير، والمواثيق الدولية، وما تفرضه على الغاصب المحتل تجاه المناطق المحتلة، فهو متمالئٌ متواطئ، وإن أظهر القلق، فهو قلق سببه ما قد تجر إليه جرائم الاحتلال من إحياء لروح الجهاد، والثأر والاستشهاد..
إننا -نحن الموقعين اسفله من علماء موريتانيا وأئمتها ودعاتها وشيوخ محاضرها – في هذا الظرف العصيب الذي يمر به المسجد الأقصى خاصة، وفلسطين عامة نؤكد على ما يلي:
أولا : أن شأن المسجد الأقصى المبارك شأنُ عقيدة ودينٍ بالنسبة لهذه الأمة، فهو أحد مساجدها المقدسة، وفضله مسطور في كتاب ربها، مَزبُورٌ في سنة نبيها، وتاريخِ سلفِها.
والصراعُ مع أعداء الأمة حوْلَه ليس مجرد صراعِ سياسة أو حدود، بل هو صراع عقيدة ووجود.
ثانيا : أن الطريق إلى تحرير الأقصى خاصة، وفلسطين عامة، يمر حتما بعودة الأمة الشاملة الكاملة لكتاب ربها، وسنة نبيها صلى الله عليه و آله وسلم، عقيدةً، وشريعةً، وسلوكًا، وسياسةً، ومنهجَ حياة كاملَا.
{إن تنصروا الله ينصركم}
ثالثا : أن الجهاد في سبيل الله تعالى هو الطريق الوحيد لتحرير الأقصى وفلسطينَ، وهو فريضةٌ شرعية، وضرورة واقعية.
وكل الحلول الأخرى حلول عبثية، تضفي على الاحتلال الشرعية، وتجعل من كيانه حقيقة واقعية.
وتستوى في ذلك قرارات التقسيم الأممية، واتفاقيات السلام و(التطبيع) الثنائية، والإقليمية، فكلها باطلة شرعا، مرفوضة عقلا، فاشلة واقعا.
رابعا : أن الجهاد لتحرير الأقصى وفلسطين، فرض على الأمة كلها، كلٌّ بحسب قدرته، وموقعه.
وهو جهادُ دفعٍ، وجهادُ الدفعِ هو آكَدُ حالات الجهاد وجوبا.
والجهاد هنا جهاد بكل صور وأنواع الجهاد.. جهاد بالنفس، والمال، واللسان، والسِّنان.
(جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم) رواه أبو داود، وأحمد ، وهو صحيح.
وتتأكد بعض أنواع هذا الجهاد في حق بعض فئات الأمة أكثر من غيرها.
فواجب أهل فلسطين والأقصى الأولُ هو الجهاد بالنفس والمال، والمصابرة، والمرابطة، فهم رأس الحربة، وطليعة الأمة في هذا الصراع: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ الله الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
والواجب الأول على علماء الأمة وأئمتِها بيانُ الحق والصدعُ به، وتذكيرُ المسلمين بالواجب تجاه إخوانهم من النصرة والدعم، وتحريض الأمة على الجهاد في سبيل الله بمختلف صوره، وإحياء هذه المعاني التي يُعِزّ الله بها الأمة، ويذل بها العدو: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾.
وواجب الحكام هو المناصرة والمؤازرة بشتى صورها، ومختلف أشكالها..السياسية، والعسكرية، والمادية والمعنوية: ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ﴾.
ويجب عليهم الحذر من تولِي هؤلاء الأعداء، و(التطبيعِ) معهم، والسيرِ في رِكابِهم، فإن الله عز وجل يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
وواجب حملة الأقلام، ورجال الإعلام، وأصحاب المنابر، وأرباب المحابر، توعيةُ الأمة، وربطُها بقضية مقدساتها، وكشف خطط الأعداء، وفضح سياساتهم، وكشف المتمالئين معهم من المنافقين، والمطبعين، وهذا من الجهاد باللسان.
وواجب التجار ورجال الأعمال الأول هو الجهاد بالمال، فالجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس في أكثر آيات الجهاد.
وهو كذلك في السنة.
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.
وفي الصحيحين: (مَن جَهَّزَ غازِيًا في سَبيلِ اللهِ، فقَدْ غَزَا، ومَن خَلَفَهُ في أهْلِهِ بخَيْرٍ، فقَدْ غَزَا).
وواجب الآباء والأمهات غرس محبة الأقصى وفلسطين في قلوب الأولاد، وتربيتهم على حب الجهاد والاستشهاد من أجل تحريرهما، فقد قال صلى الله عليه و سلم عن المسجد الأقصى: (ولَنِعْمَ المصلَّى، هوَ أرضُ المَحشرِ والمنشَرِ، وليأتيَنَّ على النَّاسِ زمانٌ ولَقِيدُ سَوطِ -أو قال: قوسِ- الرَّجلِ حَيثُ يرى مِنهُ بيتَ المقدسِ؛ خيرٌ لهُ أو أحبُّ إليه مِنَ الدُّنيا جميعًا) رواه البيهقي والطبراني والحاكم.
وصححه الألباني.
وواجب الشعوب الإسلامية المناصرةُ والمؤازرة، والدعم بمختلف صوره، واستنكارُ جرائم المحتلين بكل الوسائل الممكنة، والمتاحة: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ) متفق عليه. خامسا : أن النصر على اليهود الغزاة قادم حتما بإخبار الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُود، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُود) رواه مسلم.
ولكن ذلك النصر لا بد له من أسباب ومقومات، يجمعُها نصرُنا لله.. عودةً لدينه، وتحكيمًا لشريعته، وتمسكًا بكتابه، وعضًّا بالنواجذ على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، والعاملين لدينك..
اللهم سدد رأيهم، ورميهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.
اللهم كن لهم وليا ونصيرا، ومُعينا وظهيرا.
وصلِّ اللهمَّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
نواكشوط بتاريخ: 18 رمضان 1444 للهجرة
الموافق: 09 إبريل 2023 م