الثبات ـ فلسطين
لا يترك الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وسيلة تؤكد على صمودهم وثباتهم وتنبض بها حياتهم إلا واستخدموها، فيصنعون طعامهم وحلوياتهم ويصنعون أجواءً خاصة بهم في شهر رمضان المبارك، بمحاولة منهم لعيش بأجواء تشبه الحياة في الخارج، يعوضون أنفسهم عن الحرمان.
محاولة لصنع أجواء رمضان!
يحاول الأسرى بحسب ما يؤكده المحرر محمد التاج في حديث لـ"القدس" دوت كوم، أن يعيشوا أجواء رمضان، ويعوضون أنفسهم قليلًا عن الخارج، ففقدانهم لأجواء العائلة، يحاولون تعويضه من خلال زملائهم في الأسر قدر الإمكان، فهم بعيدون عن عائلاتهم، وزملائهم أصبحت تجمعهم بهم علاقات وطيدة.
يقول التاج: "يحاول الأسرى، لملمة الفرح، وتوفير وجبات رمضانية خاصة، وحلويات خاصة، ولا ينسون سهراتهم وأوقاتهم، فيعدون مسابقات عبر لجنة ثقافية وطنية عامة من كافة الفصائل، ويرصدون لها جوائز، وكذلك يعقدون مسابقات ترفيهية".
وبحسب التاج، فإن الأسرى يجتهدون في العبادات كذلك، وخاصة في العشر الأواخر من رمضان، وبعضهم يخصص أوقاتًا للاعتكاف، كما يحرصون على الأذان بكافة الأوقات، وينبهون لاقتراب وقتي السحور والإفطار.
من جانبه، يقول المحرر لؤي المنسي لـ"القدس" دوت كوم: "إن الأسرى ينظمون سهرات في الأقسام، بينما تكون هنالك أجواء للعبادات وبخاصة التراويح في الغرف، ويصلي الأسرى الظهر والعصر فقط في الساحة، أما الحلقات الدينية العامة فتمنعها إدارة سجون الاحتلال سوى خطبة الجمعة، فالتجمعات بالنسبة لها ممنوعة"، فيما يشير المنسي إلى أن حكومة الاحتلال الفاشية الحالية لا يستبعد منها اتخاذ أية إجراءات بحق الأسرى، لكن الأسرى بوحدتهم تمكنوا من إجبار إدارة السجون على الاستجابة لمطالبهم.
هكذا تصنع الحلويات
يصنع الأسرى حلوياتهم الرمضانية من العدم، وهم، كما يؤكد المحرر المنسي، يعيدون تدوير ما تبقى من أطعمتهم، ويحيلونها إلى حلويات تشبهه الحلويات في الخارج، من الكنافة والقطايف والعوامة، وغيرها.
ويقول المنسي: "إن الحلويات في رمضان مفقودة في السجن، يحاول الأسرى إنتاجها بما توفر، ويتعلمون صنعها من بعضهم البعض، حيث يصنعون القطايف والعوامة، من الشعيرية، بأن ينقعونها بالحليل مدة ساعتين، لتصبح عجينًا ويخمرونها بإضافة (القليل من السفن أب أو السبرايت)، ثم يصبون القطايف في المقلاة، ويخبزونها، أما العوامة فتصب وتقلى بالزيت على مقلى كذلك".
بالنسبة لحشوة القطايف، فإنها غالبًا ما تحشى بالجوز لتوفره في الكانتينا، والجبنة أحيانًا تحشى بالجبنة الصفراء ولا يحبها الجميع، ويصنع الأسرى الحلويات كالهريسة والبسبوسة وبين نارين، من السميد المتوفر بالكانتينا، وكذلك يعد الأسرى الحليب والأرز، بحسب ما يوضحه المنسي.
بينما الكنافة تصنع من الحشوة الداخلية لخبز "الفينو"، حيث يتم تجفيف الخبز وطحنه، ومن ثم تحميصه، ويصبح عجينة للكنافة، ومكوناتها موجودة إلى حد ما في الكنتينا، ويتم خبزها على الغازات والبلاطات المتوفرة.
من جانبه، يؤكد التاج: "إن الحلويات يصنعها الأسرى، مما يتوفر من محتويات تسلتز صناعة الحلويات، فيعيدون صناعة ما توفر، لتصبح حلويات، بمحاولة منهم إلى إسعاد أنفسهم".
طعام السحور والإفطار.. "هذه الحكاية"
لا تتفر لوازم بعض الأطباق، فيحاول الأسرى توفيرها، عبر جمعها من بعضهم البعض، أو ا تقدمه لهم إدارة السجون، فيعيدون تدوير ما توفر سواء اللحوم، أو بعض الخضروات، وينتجون أطباقًا جديدة، كالمنسف، أو المقلوبة.
غالبًا، وبحسب المنسي، فإن وجبات الأسرى في رمضان، هي "أكل ناشف" كونه المتوفر، لكن الأسرى يحاولون تدوير ما لديهم وإعادة إنتاجه أطباقًا شهية على مائدة الإفطار في رمضان، وربما يصنعون الشوربات مما توفر من خضروات أو "الفريكة" في بعض الأحيان، أما العصائر فهي الموجودة في "الكانتينا"، أما السحور فإن طعامهم هو البيض والحمص والفول والحلاوة وأمور بسيطة موجودة في الكانتينا.
بدوره، يقول التاج: "إن الأسرى يحاولون أن تكون أجواء السحور والإفطار، فيحاولون التجهيز له بموازنة خاصة من مخصصاتهم في الكانتينا، ويحاولون إعادة إنتاج ما يتوفر من طعام تقدمه إدارة السجون، ليصبح طعامًا جديدًا خاصًا برمضان".
يشار إلى أنه وبحسب مؤسسة الأسرى، فإن قوات الاحتلال تعتقل في سجونها،(4800) أسير/ة يقبعون في (23) سجن ومركز توقيف وتحقيق، بينهم (29) أسيرة يقبعن في سجن "الدامون"، ومن بين مجموع الأسرى (170) طفلاً وقاصراً، يقبعون في سجون (عوفر، ومجدو، والدامون).