الثبات ـ منوعات
شهدت مناطق غرب تونس، منذ فجر الخميس، تساقطا للثلوج بعد أشهر طويلة من الجفاف واحتباس الأمطار لم تعهدها البلاد في أشهر الشتاء خلال السنوات الماضية.
ورسمت الثلوج في مرتفعات الشمال الغربي مشاهد جميلة سارع التونسيون إلى توثيقها بالتقاط الصور للمدن والشوارع والأرياف التي تزينت بحلة بيضاء بعد ساعات قليلة من تساقط الثلوج الغائبة عن مرتفعات تونس منذ موسمين.
وأدى نزول الثلوج في عدد من مناطق محافظة جندوبة شمال غربي تونس إلى تعطيل حركة السير وتعليق الدراسة وانعقاد لجنة مجابهة الكوارث وتنظيم النجدة بصفة متواصلة تحسبا لأي طارئ قد تسببه التقلبات المناخية.
بدورها، شهدت مختلف مناطق البلاد نزولا للأمطار بعد أشهر من انحباسها، الأمر الذي أثار مخاوف من العطش في البلاد بعد انخفاض منسوب المياه داخل السدود إلى 27 في المئة وتحذيرات الخبراء من ندرة مخيفة للموارد المائية في البلاد.
وأوضح المهندس بالمعهد الوطني للرصد الجوي محرز الغنوشي، أن موجة البرد وتساقط الأمطار والثلوج التي تشهدها تونس ليست استثنائية وتأتي بعد تأخر غير عادي في التساقطات، مشيرا إلى أن "كميات الأمطار المسجلة خلال الساعات الماضية تراوحت بين 16 و21 ملمتر في أقصى مستوياتها في مناطق شمال البلاد بينما لا نتوقع كميات كبيرة في الوسط و الجنوب مع تواصل شح الأمطار".
وأضاف أن "سمك الثلوج في مرتفعات البلاد بلغ خمسة سنتيمترات بينما مازالت كميات الأمطار ضعيفة مقارنة بما تحتاجه تونس في قطاع الزراعة ومختلف القطاعات".
من جهته، قال المختص في علم المناخ زهير الحلاوي إن التقلبات المناخية التي تعيشها تونس حاليا هي من خصائص المناخ المتوسطي فقد عرفت سجلات تاريخ المناخ في البلاد فترات جفاف متتالية في الأربعينيات والثمانينيات مع فترات أخرى لنزول الأمطار الغزيرة إلى حد حدوث الفيضانات وهي إحدى الخاصيات الأساسية للمناخ المتوسطي.
وأكد المختص في علم المناخ في حديثه لموقعنا أن تونس شهدت في السنتين الماضيتين تقلبات مناخية وفترات جفاف متفاوتة جراء تغيرات مناخية تسبب فيها اختلال التوازن الغازي للغلاف الجوي حتى ظهرت درجات حرارة مرتفعة جدا ونزلت الأمطار في غير موعدها.
واعتبر الحلاوي أن كميات التساقطات لم تختلف كثيرا لأن ما حدث هو اختلال في نظام الإمطار وليس في كمياتها التي لا تدعو للتخوف، وفق تقديره، مشيرا إلى أن التغيرات المناخية الحاصلة إلى جانب الاضطراب الطبيعي الذي يميز المناخ المتوسطي أدت إلى وجود فترات جفاف وفترات إمطار أكثر حدة من السابق.