ربما هي المرة الأولى التي تتلاقى فيها تحذيرات من داخل الكيان الصهيوني مع أخرى مماثلة من قبل الفلسطينيين وأطراف أخرى من خطورة توجهات الحكومة الإسرائيلية المنتظر الإعلان عنها بقيادة بنيامين نتنياهو بحيث أنها ستكون الأكثر تطرفا في تاريخ كيان الإحتلال ، ما يضع مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط على المحك.
وفي هذا السياق، جاء تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته يائير لابيد من أن "نتنياهو وشركاءه الخطرين والمتطرفين سيضرون بالجيش والاقتصاد والعلاقات مع الولايات المتحدة"، حسبما نقلت عنه صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وترى أوساط سياسية إسرائيلية أن الطريقة التي توصل بها نتنياهو إلى ائتلاف حكومي في الدقائق الأخيرة من المهلة القانونية الممدة تشي بأن ثمة صفقات أبرمت مع شركائه في اليمين المتطرف.
ورأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن هناك مخاوف واسعة النطاق بشأن مستقبل البلاد، مشيرة إلى أن نتنياهو كان يحتاج إلى دعم الفصائل اليمينية المتطرفة للعودة إلى المنصب الذي شغله من قبل في الفترة من عام 1996 إلى 1999 ثم مرة أخرى من 2009 إلى 2021 .
وأشارت الصحيفة إلى أن خضوع نتنياهو للمحاكمة بتهمة الفساد دفعه إلى الاعتماد بشكل أكبر على هؤلاء الحلفاء المتشددين، في ظل رفض الأحزاب الأكثر ليبرالية المشاركة في حكومة يقودها رئيس وزراء يواجه اتهامات جنائية.
وقاد نتنياهو حزب الليكود الذي يتزعمه للفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في تشرين الثاني/نوفمبر، وهي الخامسة في البلاد خلال أربع سنوات.
إلا أن حصول الليكود على 32 مقعدا فقط، جعله يحتاج إلى شركاء للوصول إلى أغلبية 61 مقعدا في الكنيست.
وأمام اختياره هذا التشكيل الديني اليميني، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بربط العلاقة مع الحكومة الإسرائيلية المقبلة"بمدى التزامها بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الإنسان".
وقالت الوزارة في بيان إنها تنظر بخطورة بالغة لما يرد في الإعلام الإسرائيلي بشأن اتفاقات نتنياهو “المشؤومة” مع شركائه في الائتلاف الحكومي بشأن تسهيل عمليات ضم الضفة الغربية وأجزاء واسعة منها وفرض السيادة على المستوطنات والطرق الاستيطانية ، وعزم حكومته تخصيص مبالغ طائلة لشرعنة وتطوير البؤر العشوائية، وكذلك "منحه الرخصة لـ(إيتمار) بن غفير للعمل والترويج لقانون الإعدام ومنح جنود الاحتلال وعناصر شرطته المزيد من التسهيلات لإطلاق النار على الفلسطينيين، وغيرها من التعهدات التي لم يكشف عنها بعد".
وحذرت الخارجية الفلسطينية من مخاطر تنفيذ تلك الاتفاقات والتعهدات على ساحة الصراع والمنطقة برمتها، خاصة تداعيات تغيير الوضع القائم في القدس ومقدساتها وفي مقدمتها المسجد الأقصى.
وفي ظل تزايد التحذيرات من مغبة المسار التي يبدو أن حكومة نتنياهو المقبلة ستسلكه ، تحدثت صحيفة جيروزاليم بوست عما وصفته بـ"مسار تصادمي" مع الليبراليين الأمريكيين واليهود في إدارة الرئيس جو بايدن ، قائلة إنه "يلعب بالنار".
في غضون ذلك، أشارت صحيفة "إسرائيل اليوم" إلى قضية ربما تثير خلافا كبيرا بين واشنطن وتل أبيب خلال الفترة المقبلة، وهي تفكير السفارة الأمريكية في إسرائيل في إدراج الإسرائيليين المشتبه في تورطهم في جرائم عنف ضد الفلسطينيين على قائمة سوداء لمنع دخولهم إلى الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إن "السفارة الأمريكية في إسرائيل تدرس وضع المشتبه في تورطهم (في هذه الاعتداءات ضد الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية) على القائمة السوداء".
ووصفت الصحيفة هذه الخطوة بأنها ستكون "غير مسبوقة في قسوتها" في تاريخ العلاقات بين واشنطن وتل أبيب.
ووفقا لهذا التوجه ، فإن "المشتبه في ارتكابهم أعمال عنف ضد العرب أو القيام بأعمال ترهيب أو تحريض على العنف قد لا يحصلون على التأشيرة الأمريكية في المستقبل القريب" ، بحسب الصحيفة.
وأضافت أنه "من المرجح أن تكون السياسة الأمريكية الجديدة واسعة النطاق، وتشمل أيضا أولئك الذين لم تتم إدانتهم في المحاكم بارتكاب أعمال عنف".
ومع تزايد الاحتقان في الضفة الغربية في ظل مواجهات شبه يومية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، سواء من قوات الجيش أو المستوطنين ، تتعالى التحذيرات الدولية من مغبة خروج الأوضاع عن السيطرة، إلا أن الخطوات التي يتخذها نتنياهو تصب الزيت على النار ، بحسب مراقبين.
واستغرق نتنياهو سبعة أسابيع منذ الإعلان عن نتيجة الانتخابات ، التي خلفت مشهدا برلمانيا معقدا ، لتشكيل الحكومة.
وغداة الإعلان عن ائتلافه الحكومي ، منح رئيس الحكومة الإسرائيلية رئيس حزب "القوة اليهودية" ، إيتمار بن غفير، الضوء الأخضر للترويج لصالح إقرار قانون الإعدام ، وهي عقوبة منصوص عليها في إسرائيل ، إلا أنها لم تطبقها إلا مرتين في تاريخ الدولة، حسبما ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية (مكان) أنه بموجب اتفاق حزبي الليكود والقوة اليهودية "سيتولى النائب إيتمار بن غفير منصب القائم بأعمال رئيس اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، بالإضافة إلى تعيينه وزيرا للأمن الوطني".
كما تم الاتفاق على سلسلة مبادئ وقوانين تسمح بدعم الجنود والشرطيين فضلا عن إدخال إصلاحات على الجهاز القضائي ، بحسب الإذاعة.