الثبات ـ عربي
قال وزير المجاهدين الجزائري، العيد ربيقة، في أول تعليق رسمي على تحقيق جريدة نيويورك تايمز الأمريكية، إن تحديد هوية جماجم المقاومين الجزائريين المستعادة من فرنسا تم وفق المعايير العلمية.
وأوضح وزير المجاهدين على هامش ملتقى حول البعد العربي في الثورة الجزائرية بمدينة وهران، أنه قبل نقل الجماجم إلى الجزائر، تم تحديد هويتها وفق المعايير العلمية المتعارف عليها وعلى أعلى مستوى، بحسب ما نقلت جريدة “الخبر” الجزائرية.
واعتبر الوزير أن كل ما تم تداوله من قبل وسائل إعلام حول هذا الموضوع عارٍ عن الصحة، في إشارة إلى مقال جريدة نيويورك تايمز الذي أثار جدلا واسعا. واعتبر أن هذه الضجة “مجرد استهداف للدولة الجزائرية”، واعدا بتقديم مزيد من التفاصيل حول قضية الجماجم لاحقا.
وكانت “نيويورك تايمز”، قد ذكرت قبل أسبوع أنها اطّلعت على وثائق لمتحف الإنسان بباريس والحكومة الفرنسية، تظهر أن 18 جمجمة لم يكن أصلها مؤكدا، من بين الجماجم الـ24 التي استرجعتها الجزائر، وأكدت أن هذه الرفات ظلت جميعها ممتلكات فرنسية حتى بعد تسليمها.
وكشفت الوثيقة التي حصلت عليها الصحيفة أن من بين الرفات التي استعادتها الجزائر لصوص مسجونون، وثلاثة جنود مشاة من الجزائر خدموا في الجيش الفرنسي. وأخطر ما ورد في المقال، أن الحكومتين الجزائرية والفرنسية كانتا على اطّلاع بالقضية، لكنهما لم تكشفا هذه الحقائق سعيا لانتزاع “منفعة دبلوماسية” من عملية الاسترداد.
وذهبت الصحيفة الأمريكية واسعة الانتشار، إلى حد وصف العملية بـ”العودة المعيبة” التي كشفت مشكلة أوسع من عمليات الإعادة التي تكون غالبا “سرية ومشوشة” ولا ترتقي إلى مستوى تصحيح أخطاء الحقبة الاستعمارية.
ونقلت عن كاثرين مورين ديسايلي، السناتورة الفرنسية من يمين الوسط، والتي عملت منذ فترة طويلة على إعادة رفات الموتى، إن “القضايا الدبلوماسية سادت على المسائل التاريخية”.
وبقي ما روته نيويورك تايمز دون تعليق سواء من السلطات الجزائرية أو الفرنسية، ما أدى إلى تأويلات كثيرة حول القضية. وكانت الجماجم قد أعيدت بموجب اتفاقية وقعتها الحكومتان يوم 26 يونيو 2020، تضمنت ملحقا يوضح بالتفصيل هويات الرفات، واستُقبلت في الجزائر عبر احتفال رسمي مهيب في 3 تموز/ يوليو 2020 قبل أن تدفن بمربع الشهداء في مقبرة العالية بالجزائر العاصمة.
ونقل التلفزيون الجزائري حينها، أن التوابيت تعود لرفات 24 شهيدا أعدمهم الاستعمار الفرنسي خلال فترة الثورات الشعبية في البلاد، وذلك بعد اتفاق بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون.
وتشمل القائمة رفات 24 مقاوما جزائريا في فترة المقاومة الجزائرية خلال القرن التاسع عشر، من بينهم الشريف بوبغلة، عيسى الحمادي، الشيخ أحمد بوزيان، زعيمِ انتفاضة الزعاطشة سنة 1849، وسي موسى، والشريف بوعمار بن قديدة، ومختار بن قويدر التيطراوي، وجماجم أخرى غير محدّدة الهوية.
كما تضم القائمة أيضا، جمجمة محمد بن الحاج شاب (مقاوم لا يتعدى عمره 18 سنة) من قبيلة بني مناصر، وكذا جماجم كل من بلقاسم بن محمد الجنادي، خليفة بن محمد (26 سنة)، قدور بن يطو، السعيد بن دهيليس، وسعيد بن ساعد، بحسب نفس المصدر.
وظلت قضية استعادة الجماجم مطروحة منذ سنوات طويلة بين البلدين، حيث كانت السلطات الفرنسية في كل مرة تتحجج بطول الإجراءات القانونية التي يتطلبها هذا النوع من العمليات، إلى أن قرر الرئيس ماكرون إعادة بعض الجماجم سنة 2020 كبادرة منه لتهدئة الذاكرة الأليمة بين البلدين، ومحاولة تقديم عربون ثقة مع السلطات الجزائرية الجديدة بعد وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم.