الثبات ـ عربي
تصاعدت نبرة تحذيرات صنعاء لقوى العدوان بشكلٍ ملحوظ هذا الأسبوع، توازيًا مع بدء العد التنازلي لفترة التمديد الثانية للهدنة، وعودة مساعي الولايات المتحدة لممارسة ضغوط على صنعاء، من أجل دفعها للتراجع عن استحقاقات صرف المرتبات ورفع الحصار، الأمر الذي يعني أن مسار التهدئة يواجه فشلًا وشيكًا، ستترتب عليه تداعيات غير مسبوقة، وفقًا لصحيفة "المسيرة" اليمنية.
وقالت الصحيفة إنه بعد أيام قليلة من تأكيد قائد حركة أنصار الله، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن استمرار العدوان والحصار يمثل "أكبر تهديد إقليمي ودولي"، أعلن رئيس المجلس الأعلى في اليمن، المشير مهدي المشاط، في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى ثورة 26 ايلول/سبتمبر، أن "التصعيد محتمل جدًا في حال أصر الطرف الآخر على تجاهل مطالب شعبنا"، مؤكدًا أن دول العدوان تتحمل مسؤولية ما قد يترتب على ذلك من أضرارٍ محلية أو إقليمية أو دولية.
واعتبرت الصحيفة أن هذا النوع من الإنذارات لم يكن مألوفًا بشكلٍ كبير من قبل، وقد حرصت القيادة الوطنية اليمنية على أن يأتي ذلك متوازيًا مع سلسلة العروض العسكرية الضخمة وغير المسبوقة التي كشفت عن تطور لم يكن متوقعًا في القدرات الحربية اليمنية برًا وبحرًا وجوًا، الأمر الذي يعني أن قوى العدوان تقف على حافة مرحلة ردع جديدة أوسع وأقسى من سابقاتها بدرجة ربما تؤدي إلى تغييرات جذرية جديدة في موازين القوى على مستوى المنطقة.
وفي هذا السياق، لفتت الصحيفة إلى أن المحللين يرون أن ما سيواجهه تحالف العدوان ورعاته في حال إصرارهم على مواصلة العدوان والحصار سيفوق حساباتهم كلها، وخصوصًا فيما يتعلق باستهداف المنشآت الحساسة والحيوية في العمق السعودي، وأيضًا فيما يتعلق بمسار كسر الحصار البحري الذي برزت بعض ملامحه ومؤشراته بوضوح خلال الفترة الأخيرة مع الكشف عن صواريخ وأسلحة ومعدات قتالية بحرية متطورة ونوعية أصبحت القوات المسلحة تمتلكها وتجيد استعمالها.
وأكدت أن هذا التصعيد من شأنه أن يورط قوى العدوان ورعاتها الدوليين في مآزق غير قابلة للاحتواء، فاستهداف المنشآت النفطية في السعودية مثلًا سيخلق بلا شك أزمة وقود على مستوى عالمي، وهو آخر ما تحتاجه الولايات المتحدة بالذات في هذه المرحلة، إضافة إلى ما ستصنعه عمليات الردع البحرية وعمليات التحرير البرية من تحولات استراتيجية في موازين القوة محليًا وإقليميًا.
ووفقًا لذلك، فإن تحذيرات القيادة الوطنية اليمنية الأخيرة تغلق طريق المراوغة أمام العدو، بحسب "المسيرة"، وتضعه أمام خيارين وحيدين، لا يمكنه حتى الالتفاف على "تفسيرهما"، لأنهما خياران عمليان بامتياز، فإما الاستجابة لمتطلبات "السلام" التي لم تعد تحتمل المزيد من التأخير أو الالتفاف عليها، وأبرزها صرف المرتبات "ورفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة" وتثبيت وقف إطلاق النار، بحسب تأكيدات رئيس الوفد الوطني الأخيرة، أو التوجه نحو الحرب والتصعيد غير المسبوق.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما تؤكده التحذيرات بشكلٍ جلي أنه لا يوجد مجال لحالة اللا حرب واللا سلام التي يحاول العدو تكريسها، بين الخيارين، كما تشير مساعيه الأخيرة لخلق ضغوط دولية على صنعاء، وإصراره المستمر على التمسك بالحصار كسلاح وكورقة ابتزاز.
والحقيقة أن تحذيرات القيادة تحمل الكثير من مدلولات الحرص على تجنب التصعيد، كونها جاءت قبل نهاية الهدنة لمنح العدو فرصة لتدارك موقفه والالتزام بالمسار الصحيح للتهدئة والسلام، وهو ما بات يعرف بأسلوب "إقامة الحجة" الذي تلتزم به القيادة الثورية دائمًا، والذي يخطئ العدو دائمًا تفسيره، ليتكبد في الأخير خسائر لم يكن يتوقعها.