الثبات ـ عربي
لم تلغ الجزائر قرار تجميد المعاملات المالية بين بنوكها والبنوك الإسبانية، الأمر الذي يجعل المبادلات التجارية مجمدة مؤقتا بين البلدين. وتنتظر حكومة مدريد تصرف السلطات الجزائرية خلال الأيام المقبلة لاتخاذ قرار في هذا الشأن. وتجري هذه التطورات في وقت ترفض المعارضة وجزء من الائتلاف الحكومي توريط روسيا في الأزمة الإسبانية-الجزائرية، في حين تطالب الحكومة بعدم منح فرصة لدولة ثالثة لتحديد السياسة الخارجية.
وتمر العلاقات بين إسبانيا والجزائر بتوتر حاد من مظاهره سحب الجزائر لسفيرها من مدريد ثم قرار الجزائر إلغاء اتفاقية الصداقة وحسن الجوار الأربعاء الماضي ثم تجميد تقني للمبادلات التجارية، وذلك على خلفية تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيش في البرلمان الأربعاء الماضي يؤيد فيها الحكم الذاتي كحل رئيسي لنزاع الصحراء الغربية. وهو الموقف الذي لم يرق للجزائر وأصدرت بيانا يؤكد رفضها لما تعتبره تحولا في سياسة مدريد في النزاع.
وأقدمت الجزائر على تخفيض الرحلات الجوية والبحرية مع إسبانيا، لكن الإجراء الملفت هو دورية للهيئة المشرفة على البنوك تمنع إجراء التعاملات التجارية مع البنوك الإسبانية دخل حيز التنفيذ ابتداء من الخميس الماضي. وهذا الإجراء يعني تجميدا تقنيا للمبادلات التجارية بين البلدين، حيث تشتكي شركات إسبانية من استحالة التصدير إلى الجزائر بسبب ضعف المواصلات البحرية التي جرى تقليصها ثم استحالة تأدية مبالغ التصدير أو الاستيراد. وكان الاتحاد الأوروبي قد نبه الجزائر الجمعة الماضية من مغبة الاستمرار في تجميد التبادل التجاري، وردت الأخيرة بنبرة انتقادية قوية نافية أن تكون منعت التبادل التجاري. وتؤكد مصادر أوروبية استمرار إجراء حظر التعامل مع إسبانيا في المجال البنكي.
وتجد إسبانيا نفسها في موقف حرج، فالنزاع الحالي يعني إحالته على لجنة تحكيم أوروبية-جزائرية وفق بنود اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والنتيجة قد تتأخر لأشهر، وفق جريدة الباييس في عددها الصادر الثلاثاء من الأسبوع الجاري. وهذا يعني خسائر كبيرة للشركات الإسبانية ستقدر بمئات الملايين من اليورو. في المقابل لا تصدر الجزائر تقريبا أي شيء لإسبانيا باستثناء الغاز وقادرة على تعويض وارداتها من إسبانيا من أسواق إيطاليا وتركيا والصين، بينما إسبانيا لا يمكنها تعويض الغاز الجزائري الذي يشكل قرابة 50% من حاجياتها.
ويعيش هذا البلد الأوروبي على إيقاع هذه الأزمة، حيث يوجد شرخ كبير بين الحكومة والمعارضة. في هذا الصدد، تؤكد الحكومة تورط روسيا في هذه الأزمة بدفع الجزائر إلى اتخاذ مواقف مضادة لإسبانيا. وأدلت نائبة رئيس الحكومة ووزيرة الشؤون الاقتصادية ناديا كالفينيو الاثنين من الأسبوع الجاري بتصريحات واضحة تتحدث عن التنسيق الروسي-الجزائري. في المقابل، يرفض حزب بوديموس وهو ضمن الائتلاف الحاكم، ثم الحزب الشعبي المحافظ المتزعم للمعارضة، توريط روسيا ويتهمون رئيس الحكومة بيدرو سانتيش بأن الأزمة هي نتاج تغيير سياسته في نزاع الصحراء بتأييد الموقف المغربي.
وكان رئيس الحكومة بيدرو سانتيش قد أبلغ الملك محمد السادس في رسالة منتصف مارس/آذار الماضي بتأييده للحكم الذاتي حلا لنزاع الصحراء، وزار خلال منتصف أبريل/نيسان المغرب واجتمع بالملك محمد السادس ومهدا لاتفاقيات استراتيجية.