الثبات ـ عربي
تُحاول السعودية الدفْع ببعض من ألوية «العمالقة» نحو التحرّك باتجاه محافظتَي البيضاء ومأرب، بعد سيطرة تلك الميليشيات على عدد من المناطق في محافظة شبوة.
لكنّ هذه المحاولات لا تزال تبوء بالفشل في ظلّ رفض الإمارات والقوات الموالية لها العودة إلى خوْض معارك في الشمال، وتفضيلها بدلاً من ذلك التوجَّه إلى محافظة حضرموت، التي يتطلّعان إلى انتزاع واديها من سيطرة «الإصلاح».
وسط تحذيرات سياسيين جنوبيين من تداعيات توغُّل ميليشيات «العمالقة» الموالية للإمارات، في مناطق سيطرة حركة «أنصار الله»، تَدْفع السعودية بفصيل من «العمالقة» موالٍ لحكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، منذ أيام، في هذا الاتجاه، وهو ما قوبل برفْض الموالين لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، الذين اعتبروا تلك المحاولات التي يتولّاها قائد القوات السعودية في مأرب، عبد الرحمن الشهراني، «تحدّياً للإرادة الجنوبية»، و«سقوطاً في مربّع الفتنة من جديد، واستنزافاً مقصوداً يراد منه أن يصيب القضية الجنوبية بمقْتل سياسي، ويُتّخذ حُجّة لإسقاط القضية العادلة والالتفاف عليها». كذلك، طالبت قيادات في «الانتقالي»، قيادة «العمالقة»، باستكمال السيطرة على الهضبة النفطية في محافظة حضرموت الخاضعة لميليشيات حزب «الإصلاح».
التحرّك السعودي الأخير الهادف إلى إقحام «العمالقة» في ساحة حرب غير مألوفة لها في جنوب مأرب والبيضاء، تزامَن مع تحرّك إماراتي في مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت، وفي مدينة عتق مركز محافظة شبوة، إذ دفعت أبو ظبي، الأربعاء، بالمزيد من الميليشيات الموالية لها من الساحل الغربي ومدينة عدن إلى عتق، لإنشاء غرفة عمليات عسكرية لـ«تأمين وحماية شبوة»، على حدّ وصف مصادر مقرّبة من «الانتقالي»، لفتت إلى أن تحريك «العمالقة» باتجاه حضرموت لفرْض سيطرة المجلس عليها، يتعارض مع توجُّه السعودية التي عرضت على تلك الميليشيات دمْجها في إطار قوات هادي، وتعيين قيادات منها في مراكز عليا ضمن وزارة الدفاع التابعة للأخير، مقابل موافقتها على التقدّم تجاه جنوب مأرب. وتُعوّل الرياض، في ذلك، على كوْن ألوية «العمالقة» التي تقاتل حالياً في مناطق واقعة ما بين مديرية عين في شبوة ومديرية حريب جنوب مأرب، يقودها القيادي السلفي المتطرف، حمدي شكري، وهو مناهض للإمارات وسبق له أن أعلن اعتزامه الاستمرار في القتال باتجاه جنوب مأرب، وفق ما توضحه مصادر مقرّبة من «العمالقة» لـ«الأخبار».
الميليشيات المقاتِلة ما بين عين وحريب يقودها السلفي المتطرف حمدي شكري المناهض للإمارات
إزاء ذلك، جدّد المتحدث الرسمي باسم الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، العميد يحيى سريع، تحذيره الإمارات من ارتداد التصعيد الأخير في شبوة عليها. وأعلن، في تصريح الأربعاء، أن قوّاته تمكّنت، خلال الأيام الماضية، من «قتْل 515 عنصراً من ميليشيات العمالقة، وإصابة 850 آخرين، فيما لا يزال 200 في عداد المفقودين، كما تمّ تدمير أكثر من 120 آلية ومدرّعة إماراتية»، متوعّداً هذه الميليشيات بـ«محرقة غير مسبوقة».
من جهتها، أكدت مصادر محلية في بيحان، لـ«الأخبار»، مقتل نائب قائد ألوية «العمالقة» وقائد اللواء الخامس فيها، وعدد كبير من أفراد قواته، في قصف بصاروخ باليستي استهدف تجمّعاً في جبهة الساق في شبوة. وتزامَن ذلك مع تأكيد سريع صدّ هجوم كبير لِمَن سمّاهم «مرتزقة الإمارات» باتجاه مديريتَي عين في شبوة وحريب في مأرب، استمرّ لعدّة ساعات من دون إحراز تقدُّم، على رغم الغطاء الجوّي المكثّف.
وكان الجيش و«اللجان» قد استعادا مناطق في مديرية عسيلان، غرب محافظة شبوة، بالتزامن مع تنفيذهما كميناً ضدّ مجموعة من ميليشيات «العمالقة» على حدود مأرب وشبوة، تقول المصادر المحلية إن «ضحاياه قاربوا الـ200 عنصر ما بين قتيل وجريح وأسير».
وبحسب مصادر قبلية، فإن قوات الجيش واللجان الشعبية شنّت، فجر الأربعاء، هجوماً من مسارَين في منطقة الذراع في عسيلان، حيث تمكّنت من «تدمير 3 أطقم ومدرّعة واغتنام طقمَين ومدرّعة أخرى، إلى جانب أسلحة خفيفة ومتوسّطة، وأَسْر 14 عنصراً بينهم ضباط، إلى جانب السيطرة على مواقعهم».
وجاءت هذه العملية في وقت أعلنت فيه قيادة «العمالقة» انتهاء عملياتها العسكرية في بيحان، بـ«تحرير مديرياتها الثلاث» بالكامل، وهو ما تنفيه المصادر، موضحةً أن الجيش و«اللجان» لا يزالان يسيطران على مناطق في بيحان وعسيلان وعين، مضيفة أنهما يستعدّان للتعامُل مع احتمال تحرّك «العمالقة» باتجاه جنوب مأرب والبيضاء.