انتهاء شهر العسل بين «وول ستريت» وشركات التكنولوجيا الصينية

الثلاثاء 07 كانون الأول , 2021 04:16 توقيت بيروت اقتصاد

الثبات ـ اقتصاد

يسدل إعلان مجموعة «ديدي تشوتشينغ» التي تعتبر «أوبر الصينية» انسحابها من بورصة نيويورك، الستار على العلاقة الودية بين «وول ستريت» والمجموعات الصينية، المحاصرة من السلطات في بكين والجهات الناظمة في الولايات المتحدة، وفقًا لوكالة «فرانس برس». 

ولم يمر سوى خمسة أشهر بين طرح «ديدي» أسهمها في نيويورك في يونيو وإعلانها، الجمعة، أنها تستعد لإدراجها في بورصة هونغ كونغ. وخلال هذه الفترة، تراجعت قيمتها السوقية بنسبة 63%، وتأتي خطوة «ديدي» غداة حملة واسعة نفذتها الهيئة الناظمة الصينية قصقصت فيها أجنحة كبرى شركات الإنرنت الأكثر تأثيرًا على المستهلكين، بما في ذلك «علي بابا» و«تنسنت».

تراجع أسهم الشركات الصينية
وبعد إعلان الجمعة، تراجعت أسهم الشركات الصينية لتجارة التجزئة على الإنترنت التي جرى تداول أسهمها في بورصة نيويورك مثل «علي بابا» و«جي دي دوت كوم JD.com» و«بنديوديو»، بشكل كبير، وتراجعت أسهم «علي بابا» التي دفع وصولها إلى «وول ستريت» العام 2014 عديد الشركات الصينية لإدراج أسهمها في نيويورك إلى أدنى مستوى لها منذ خمس سنوات، فيما سرت شائعات بأن «علي بابا» قد تترك بورصة نيويورك بعد «ديدي».

وعمليًّا، يمكن لحملة أسهم «ديدي تشوتشينغ» في بورصة نيويورك الاحتفاظ بالأسهم حتى بعد انتقالها إلى هونغ كونغ، وبالتالي لن تختفي استثماراتهم بكل بساطة، وقال مدير المحافظ المالية لدى «EMQQ» كيفن كارتر، إن «الناس يشعرون بخوف شديد من القواعد الجديدة والحكومة الصينية وأثّر ذلك حقًّا على ثقة المستثمرين. الناس يشعرون بالخوف».

في تلك الأثناء، أعلنت الهيئات الناظمة لأسواق المال في الولايات المتحدة، الخميس، تبني قاعدة تسمح بشطب الشركات الأجنبية من البورصة حال فشلها في تقديم البيانات إلى مراجعي الحسابات، وتستهدف الخطوة بشكل أساسي الشركات الصينية وتتطلب منها كشف إن كانت «مملوكة أو خاضعة لسيطرة» الحكومة، وأفاد رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غاري غنسلر أنه «بينما بذلت أكثر من 50 منطقة اختصاص قضائي جهودًا للسماح لعمليات التفتيش المطلوبة، فإن منطقتين هما هونغ كونغ والصين لم تقوما بذلك على مدار تاريخهما».

وانتقدت «ذي غلوبال تايمز»، الجريدة المقربة من الحزب الشيوعي الصيني، القانون الأميركي الجديد في مقال رأي الجمعة، وأفادت في المقال الذي نُشر من دون توقيع: «إذا فرضت الولايات المتحدة شروطًا غير متساوية على الأمن القومي في إطار المنافسة بين البلدين عبر مطالبة الشركات الصينية المدرجة تسليم المراجعات الحسابية للتدقيق فيها من أجل التجسس على الوضع الداخلي الصيني وتخزين كميات ضخمة من البيانات الحساسة الموجود بحوزة الشركات الصينية، فلن تقبل الصين بذلك»، ويذكر أن معظم هذه الأسهم المدرجة في بورصة نيويورك مملوكة من قبل مؤسسات لا مواطنين.

وأفاد رئيس مجموعة «ميسخارت» للخدمات المالية غريغوري فولوكين: «يمكن أن تكون لدى بعض الصناديق أسهم يجري تداولها فقط في الأسواق الأميركية»، وأضاف: «هذا ما يضغط على الأسهم»، وبالنسبة للعديد من مراقبي الأسواق، لن تكون «ديدي» آخر مجموعة صينية عملاقة تغادر بورصة نيويورك، وقال فولوكين: «الأمر لا يقتصر على ديدي، إذ أننا شاهدنا على مدى شهور الحزب الشيوعي يعزز قبضته على الشركات».

تحقيق هيئة رقابة الأمن الإلكتروني الصينية
وبعد وقت قصير من طرح «ديدي» أسهمها في نيويورك، أجرت هيئة رقابة الأمن الإلكتروني الصينية تحقيقًا بشأن منصة الحجوزات «فول تراك ألاينس» وموقع «كانجون» للبحث عن الوظائف، كما شددت الحكومة الصينية القواعد بالنسبة للشركات التي توفر خدمة تعليم خاص للعائلات. وأحدث الأمر أضرارًا للشركات المدرجة في نيويورك، وتفيد أرقام حكومية أميركية، تعود إلى مايو، بأن هناك 248 شركة صينية مدرجة في الولايات المتحدة، يبلغ مجموع قيمتها السوقية 2.1 تريليون دولار.

وأفاد خبير الاستراتيجيات لدى «رينسانس كابيتال»، ماثيو كينيدي، «بعد بداية نشطة للعام، توقفت معظم الشركات الصينية عن دخول أسواق المال الأميركية منذ يونيو، نظرًا للعقبات التنظيمية والسياسية في البلدين»، وهذا الأسبوع، تراجعت الشركة الصينية الكبيرة للتدريس عبر الإنرتنت «سبارك إدوكيشن» عن خطتها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة، وقال فولوكين بـ«الطريقة التي تبدو فيها الأمور، يمكن القول إنه لن تكون هناك عمليات اكتتاب عام صينية، فيما سيتم سحب تلك المنتظرة واحدة تلو الأخرى». وتفيد «رينسانس كابيتال» بوجود 35 شركة تنتظر دورها في الاكتتاب العام. 

وعبر مغادرتها السوق الأميركية، تتخلى الشركات الصينية عن قاعدة استثمارية لا مثيل لها في العالم، بوجود 52.5 تريليون دولار كأصول تتم إدارتها، مقارنة بـ7.1 تريليون دولار في الصين، وفق دراسة أجرتها شركة «ماكينزي آند كومباني» الاستشارية. 

وذكر كارتر أن هذا الضغط السياسي على الشركات الصينية يخلق وضعًا فريدًا، إذ تنهار أهم شركات عالم التكنولوجيا الصينية في أسواق الأسهم، لكن لأسباب لا علاقة لها بتقارير إيراداتها، وقال: «ولا تزال هذه الشركات تحقق الأرباح. ولا تزال هذه الأرباح تنمو»، مضيفًا: «نمو العائدات للعام الجاري يتجاوز 30% ليس لكل شركة، لكن بشكل جماعي نوعًا ما، بغض النظر عن مكان الأسهم وأين يجري تداولها، يبقى الوضع كذلك».


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل