من ذاكرة التاريخ ... تفجيرات فرنسا النووية في الجزائر 4 أضعاف تفجير هيروشيما

الأربعاء 07 تموز , 2021 02:28 توقيت بيروت من ذاكرة التاريخ

الثبات ـ من ذاكرة التاريخ

 رغم مرور 59 عاما على زوال الاستعمار الفرنسي للجزائر والذي دام 132 عاما (1830 – 1962)، يظل ملف “التفجيرات” النووية التي أجراها المستعمر في صحراء هذا البلد العربي مثيرا للجدل.

ودام الاستعمار الفرنسي للجزائر بين 1830 و1962، وتقول السلطات الجزائرية ومؤرخون إن هذه الفترة شهدت جرائم قتل بحق قرابة 5 ملايين شخص، إلى جانب حملات تهجير ونهب الثروات.‎

وظل ملف التجارب النووية الفرنسية موضوع مطالب جزائرية رسمية، وأهلية، من أجل الكشف عن أماكن المخلفات النووية، وتعويض الضحايا ومن تعرضوا لعاهات مستدامة، مقابل رفض فرنسي لهذه المطالب.

وبينما تقول الجزائر إن ما جرى هو “تفجيرات نووية”، تعتبر فرنسا أنها “مجرد تجارب نووية”.

بين عامي 1960 و1966، أجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية سلسلة تفجيرات نووية بالصحراء الجزائرية موزعة على 4 تجارب فوق الأرض و13 في باطنها، بحسب مسؤولين فرنسيين، بينما يقول مؤرخون ومسؤولون جزائريون إن العدد أكبر.

في 13 فبراير/ شباط 1960، أجرت فرنسا أول تفجير نووي في الصحراء الجزائرية، بمنطقة “رقان” في عملية سميت “اليربوع الأزرق”، واستخدمت فيها 4 قنابل ذرية بطاقة تفجير تتراوح بين 10 و70 كيلوطن.

وجرى التفجير تحت إشراف مباشر من الرئيس الفرنسي آنذاك شارل ديغول، وبلغت شدةُ التفجير الذي أُجري على سطح الأرض 4 أضعاف التفجير الناتج عن قنبلة هيروشيما.

وحدثت بعض هذه التفجيرات النووية بعد توقيع اتفاقيات إيفيان، عام 1962، التي قادت لاستقلال الجزائر، لكنها احتوت بنودا تسمح لفرنسا باستعمال مواقع في الصحراء حتى عام 1967.

أربعة أضعاف قنبلة هيروشيما

وفي فبراير/ شباط الماضي، قال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، إن التفجير النووي لفرنسا بصحراء بلاده في الستينيات كان يعادل أربعة أضعاف قنبلة هيروشيما في اليابان.

ونشر الوزير الجزائري تغريدة جاء فيها: ‏في مثل هذا اليوم (13 فبراير/ شباط) من عام 1960 على الساعة 7:04 صباحا، قامت فرنسا الاستعمارية بأول تفجير نووي في منطقة رقان بالصحراء الجزائرية (جنوب)، في عملية سُميت بـ”اليربوع الأزرق”.

وتابع أن التفجير كان “بقوة 70 كيلوطن، وهو ما يعادل من ثلاثة إلى أربعة أضعاف قنبلة هيروشيما، كان لهذا الانفجار تداعيات إشعاعية كارثية لا تزال”.

وأوردت مجلة “مصادر تاريخ الجزائر المعاصر” (حكومية) في عدد 2019 أنّ “الصحراء الجزائرية كانت بين 13 فبراير/ شباط 1960 و16 فبراير 1966 مسرحا لـ57 تفجيرا وتجربة واختبارا نوويا”.

الصحراء الجزائرية كانت بين 1960 و1966 مسرحا لـ57 تفجيرا وتجربة واختبارا نوويا

وذكرت المجلة (علمية مُحكّمة) التي يصدرها المركز الحكومي للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 (تابع لوزارة المجاهدين)، أنّ “4 تجارب جوية بحمودية رقان، كانت ملوثة للغاية و13 بتاوريرت تان أفال، إين أكر، وكانت فاشلة”، وجميعها مناطق جنوبي البلاد.

وقالت إنّ “أخطر حادث نووي بريل – Béryl في أول مـايو/ أيار 1962، إضافة إلى 35 اختبارا نوويا للسلامة على مستوى آبار بحمودية و5 تفجيرات نووية بموقع تاوريرت تان أترام (محافظة تمنراست) في الهواء الطلق باستعمال مواد انشطارية مثل البلوتونيوم”.

وأشارت إلى أنّ “11 تفجيرا نوويا أُجري بعد الاستقلال 1962 إلى غاية فبراير/ شباط 1966، ثم في يونيو/ حزيران 1967، أُرجعت تلك المواقع إلى السلطات الجزائرية، بعد تفكيك المنشآت التقنية والتنظيف حسب وزارة الدفاع الفرنسية عام 2010”.

ولفتت إلى أنّ “التفجيرات النووية بدأتها فرنسا وهي على دراية تامة بمخاطرها على صحة الإنسان والبيئة والتوازن الإيكولوجي، خاصة بعد نشر الآثار الصحية المترتبة عن القصف الذري على هيروشيما وناغازاكي في أغسطس/ آب 1945”.

وباشرت فرنسا تفجيراتها النووية الأولى عام 1960، غير مبالية بقرار الأمم المتحدة عام 1959 المناهضة لتجاربها في صحراء الجزائر، والتوقيف الدولي (الاتحاد السوفييتي سابقا، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) للتفجيرات النووية الجوية في نوفمبر/ تشرين الثاني 1958.

وفي ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة، تسببت التجارب النووية بمقتل 42 ألف جزائري وإحداث عاهات مستدامة؛ بسبب الإشعاعات النووية التي لا تزال تلوث المكان حتى اليوم.

وما زالت السلطات الجزائرية تطالب نظيرتها الفرنسية بتسليمها خرائط دفن نفايات هذه التفجيرات لحماية السكان وتطهير المنطقة من الإشعاعات لكن باريس تماطل في ذلك.

وفي 2020 وضعت السلطات الجزائرية الملف رسميا، على مستوى الأمم المتحدة للنظر في تعويض فرنسا لضحايا التفجيرات النووية، لكن القضية لم تتحرك، بحسب مبادرة أطلقها كمال بلعربي نائب برلماني سابق حول قانون “تجريم الاستعمار”.

من جانبه، قال المؤرخ الجزائري عامر رخيلة للأناضول: “فرنسا بدأت سنة 1935 تسعى للانتساب إلى ما يسمى بـ”النادي النووي” وتمكنت من ذلك بتفجير أول قنبلة نووية في 13 فبراير/ شباط 1960 بصحراء الجزائر”.

وفي الفترة من 1960 إلى 1966 حفر الاستعمار خنادق في الجنوب الجزائري لرمي وردم المخلفات النووية التي أكلت الزرع والضرع، وفق رخيلة.

وقال رخيلة إنّ “جريمة المخلفات النووية مستمرة، عن طريق تفشي الأمراض وتلوث البيئة وانقراض الحيوانات”.

وشدد المتحدث على أنّه “من حق الجزائر المطالبة باستعادة الخرائط التي تحدد أماكن التفجيرات والخنادق التي تضم بقايا التفجيرات والمواد المشعة المستمرة آثارها إلى اليوم”.

ولفت إلى أنّ “عدد ضحايا التفجيرات يعدّ بالآلاف ولكن لا يمكن إحصاؤه بدقة لأنّها تمت بعيدا عن الإعلام والمنظمات الحقوقية”.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل