الثبات - علوم إسلامية
أحكام العيد
سنة التوسعة على العيال
العيد شعيرة إسلامية تتجلى فيه مظاهر العبودية لله وليس وقتا للهو والفرح المباح وحسب كما يظن البعض, الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه : {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ}، وتظهر في العيد معان اجتماعية، وإنسانية، ونفسية، فالجميع يلبي نداء صلاة العيد، والجميع: أيدٍ تتصافح، وقلوب تتآلف، أرواح تتفادى، ورؤوس تتعانق.. تتألق على شفاههم الابتسامة الصادقة وتلهج ألسنتهم بالكلمة الطيبة والتهنئة العطرة, ود وصفاء، وأخوة ووفاء، لقاءات تغمرها حرارة الشوق، واللقاء والمحبة والنقاء. لذلك يصبح العيد أكبر من كونه فرحة ومرح وعادة من عادات الأمة الاجتماعية, وقد قال تعالى: {...وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة البقرة: 185]. لتكبروا الله على هدايته وتوفيقه للصيام والقيام، لنستشعر قيمة الهدى الذي يسره الله فكّفت القلوب والجوارح عن المعاصي والذنوب. ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قالَ: «لَتَعْلَمُ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً».
وتُسَنُّ التَّوْسِعةُ في العيد على الأهل بأيِّ شيءٍ كانَ من المأكول؛ إذْ لم يَرِد الشرعُ فيه بشيءٍ معلوم، فمن وسَّع على أهله فيه فقد امتثل السنة, ويجوز أن يُتَّخَذَ فيه طعامٌ معلوم؛ إذ هو من المباح، لكن بشرط عدم التكلف فيه، وبشرط أن لا يُجعَل ذلك سُنَّةً يُستَنُّ بها فيُعَدُّ مَنْ خالف ذلك كأنه مُرتكبٌ لكبيرة, وإذا وصل الأمر إلى هذا الحدِّ ففِعْلُ ذلك بدعة؛ إذ إنه بسبب ذلك يُنسَبُ إلى السُّنة ما ليس منها.
وإظهار السرور في العيدين مندوب, فذلك من الشريعة التي شرعها الله لعباده؛ إذ في إبدال عيد الجاهليَّة بالعيدين المذكورين دلالةٌ على أنه يُفعَل في العيدين المشروعين ما تفعلُه الجاهليَّة في أعيادها مِمَّا ليس بمحظورٍ ولا شاغلٍ عن طاعة, وإنما خالفهم في تعيين الوقتين، وأما التوسعة على العيال في الأعياد بما حصل لهم من ترويح البدن وبسط النفس من كلف العبادة فهو مشروع.