الثبات ـ اقتصاد
حذر اقتصاديون من خطورة عدم اتخاذ موقف فلسطيني موحد تجاه رفض المقترح الإسرائيلي المتعلق بدراسة إمكانية إقامة جزيرة اصطناعية قبالة سواحل قطاع غزة وإنشاء مطار وميناء على ارضها بتمويل دولي، مؤكدين أهمية حشد الجهود الرامية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة بعيداً عن أي مشاريع إسرائيلية تستهدف ترسيخ الفصل الاقتصادي والجغرافي بين القطاع والضفة.
واعتبر أستاذ العلوم المالية والاقتصادية في الجامعة العربية الأميركية نصر عبد الكريم أن المقترح المذكور يتخذ في طابعه الخارجي صبغة اقتصادية مغرية، الا ان الحالة الفلسطينية تجعل من الصعب التعامل معه وفق هذا المقياس بعيداً عن الاعتبارات السياسية والمخططات الاسرائيلية الهادفة لتعزيز الفصل بين الضفة والقطاع.
واكد عبد الكريم في سياق أحاديث منفصلة أجرتها "الأيام" مع عدد من الخبراء والباحثين الاقتصادين أنه ما لم يتم تحقيق الوحدة الجغرافية والسيادية والسياسية وتجديد الشرعيات لن يكون بالإمكان النظر الى هذا المقترح الرامي لأخذ قطاع غزة في اتجاه يعمق الانقسام ويمهد للانفصال النهائي بين الضفة وغزة.
وقال، "هذا المقترح الذي يبدو ظاهره اقتصادياً يعبر عن التخطيط النهائي نحو تنفيذ صفقة القرن وان كان يشكل استمراراً لطروحات سابقة وبالتالي تجديد طرحه، اليوم يأتي ضمن محاولة ليكون اقرب الى التصديق عقب ما مرت به غزة مؤخرا من تصعيد واعلان عن انشاء المستشفى الأميركي وتجميد لمسيرات العودة".
وطالب عبد الكريم بالتعامل مع هذا المقترح بحذر شديد لما يشكله من مساس خطير بالمشروع الوطني، وبالتالي فإن افشاله واحباط تمريره يعتمد بالدرجة الاولى على أن تتخذ القيادة الفلسطينية موقفاً واضحاً لرفض كافة المحاولات التي تمس بوحدة الضفة والقطاع.
وشدد على ضرورة النظر في إعادة اندماج بين اقتصاديي الضفة وغزة وأن تخرج حكومة الأمر الواقع في غزة بموقف واضح تجاه هذا الإعلان، انطلاقاً من أن المشاريع المطروحة من طرف واحد تستهدف تعميق الانقسام، لذا لا بد من تهيئة الأجواء وقطع الطريق على مشاريع اقتصادية تهدد المشروع الوطني لاسيما وأن السلطة الوطنية تعد الجهة المسؤولة عن القطاع.
من جهته، لفت مدير الأبحاث في معهد السياسات والبحوث الاقتصادية "ماس" سمير عبد الله الى أن المقترح جاء في اطار مخطط إسرائيلي يهدف لإنهاء وضع قطاع غزة بما يعود بالنفع على الاحتلال وحماية حدوده مع القطاع ويبقي في ذات الوقت الوضع الفلسطيني في مأزق الانقسام والضعف.
وقال "هذا مخطط لإنهاء مشروع الدولة الفلسطينية، وذلك ضمن مشروع يحمل الطابع الاقتصادي ويمهد في ذات الوقت للانفصال السياسي والاقتصادي بين الضفة والقطاع".
وحذر عبدالله من خطورة التعاطي مع هذا المشروع وعدم اتخاد موقف حازم من قبل السلطة لنسف هذا المقترح الذي تزامن طرحه مع المقترحات الاخيرة المتعلقة بفتح فرص العمل لعدد من عمال القطاع داخل المناطق الواقعة على شريط القطاع ضمن ما سمي مؤخراً مشاريع انشاء مناطق صناعية على حدود القطاع خاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
بدوره، نوه الباحث الاقتصادي أسامة نوفل الى ان فكرة المقترح المذكور ليست جديدة وأنها طرحت عدة مرات لاسيما عقب ما يشنه الاحتلال من حروب وعدوان على القطاع وذلك في اطار محاولات الاحتلال لتجميل صورته أمام العالم والظهور بمظهر من يحاول تخفيف الحصار ومن ثم يتراجع عن مشاريعه.
وقال نوفل، "استبعد امكانية تنفيذ حكومة الاحتلال لهذا المقترح، مشدداً على أنه من الاجدر بتلك الحكومة أن تطرح ما هو ممكن تنفيذه كفتح المعابر وادخال المنتجات التي تسميها بذات الاستخدام المزدوج والسماح بحرية الاستيراد والتصدير من والى القطاع وليست إقامة جزر صناعية".
وكان وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت أمر كبار قادة جيشه بدراسة مقترح إقامة جزيرة اصطناعية قبالة سواحل قطاع غزة، حيث كشفت قناة 12 العبرية النقاب عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعطى الضوء الأخضر لبينيت من أجل دراسة هذا المقترح المتوقع بحسب القناة ذاتها أن يحظى خلال ثمانية أسابيع بتعديلات وموافقة كاملة من كبار قادة جيش الاحتلال.