الثبات ـ من ذاكرة التاريخ
مرت 36 عاماً على إنجاز أكبر وأضخم صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني والتي تمت بتاريخ 24 نوفمبر 1983، والتي تم بموجبها تحرير 4600 أسير فلسطيني ولبناني وسوري مقابل 6 جنود "إسرائيليين"، بعد مفاوضات شاقة بين إسرائيل عبر الوساطات الدولية (اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والنمسا) والمقاومة الفلسطينية المتمثلة في حركة فتح آنذاك.
ووصفت المفاوضات آنذاك بالشاقة، حيث غير الاحتلال اللجنة المختصة بالملف أكثر من مرة نظراً لتعنتها أمام مطالب المقاومة، ما حذا بالمفاوضات للشلل أكثر من مرة.
ورضخ العدو الصهيوني تحت إصرار المقاومة على مطالبها بعد أن أدركت أن التلكؤ ليس لصالحها ووافقت على الشروط الفلسطينية في المفاوضات النهائية لعملية تبادل الأسرى التي تمت في تاريخ 24 نوفمبر 1983.
وتمت المفاوضات مع ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر جون هفيلكير تحت أزيز الرصاص والإنفجارات في طرابلس والذي كان اقترح أن يتم إجراء عملية التبادل في عرض البحر حيث تم الاتفاق على تحديد مكان اللقاء في شمال غرب جزيرة رانكين في تمام الساعة 12 ليلة 23 – 24 / 11 / 1983 والذي قام أيضا بنقل مطالب حركة فتح إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي والمطالب تمثلت في:
1- إطلاق سراح أسرى معتقل أنصار والنبطية وصيدا وصور .
2- إطلاق سراح 100 أسير فلسطيني من سجون الاحتلال الإسرائيلي .
3- إعادة أرشيف مركز الأبحاث الفلسطيني.
4- الإفراج عن ركاب الباخرتين كورديلا وحنان.
وأصر الرئيس أبو عمار على المطالب الفلسطينية ووقع خليل الوزير "أبو جهاد" في حينها على وثيقة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتسليم 6 جنود "إسرائيليين" في نفس الوقت الذي يتم فيه تحرير الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين في حين وقع وزير الحرب "الإسرائيلي" في حينه موشيه آرنس على وثيقة الصليب الأحمر والتي نصت الوثيقة على أن تكون عملية التبادل بثلاث مراحل:
1- التحرك على الشاطيء اللبناني وأن تقوم "إسرائيل" بإطلاق سراح ركاب الطائرة الأولى من مطار اللد باتجاه الجزائر.
2- تتسلم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الجنود الأسرى مقابل سماح "إسرائيل" بإطلاق الطائرة الثانية التي تقل الأسرى إلى الجزائر.
3- بعد تسلم الجانب الفرنسي للجنود الأسرى تقوم "إسرائيل" بالسماح للطائرة الثالثة بالإقلاع نحو الجزائر على أن يتم إطلاق سراح معتقلي معسكر أنصار الذين اختاروا البقاء في لبنان ونقل الأسرى الفلسطينيين من مطار اللد إلى الجزائر بواسطة طائرة جامبوا الفرنسية .
وفي تمام الساعة العاشرة من ليل الخميس الموافق 23/11/1983م، بدأت في ميناء طرابلس بشمال لبنان حركة غير عادية حيث الزوارق البخارية على أهبة الاستعداد وبداخلها حراسات مشددة من حركة فتح وبعض مرافقي الرئيس ياسر عرفات ومسؤولي اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليتم نقل الجنود "الإسرائيليين" الأسرى إلى الميناء ومن الزوارق إلى إحدى السفن الفرنسية التي كانت ترفع علم اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكانت تبعد مسافة 8 كلم عن شواطيء طرابلس حيث قام رئيس الوفد "الإسرائيلي" شموئيل تامير، باستلام جنودهم الأسرى من مندوبي اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وفي جنوب لبنان كانت تجري عملية مماثلة حيث عرضت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي على معتقلي أنصار البقاء في لبنان أو نقلهم إلى الجزائر فاختار 3600 أسير البقاء في لبنان وتم نقلهم في 120 حافلة والبقية التي بلغ تعدادها 1024 أسيرا فقد تم نقلهم تحت حراسات مشددة إلى مطار اللد ليتم نقلهم بواسطة الطائرات الفرنسية إلى الجزائر.