الحكم العطائية ... "لا تصحب من لا ينهضك حاله، ولا يدلّك على الله مقاله"

الأحد 22 أيلول , 2019 01:41 توقيت بيروت تصوّف

الثبات - إسلاميات

 

"لا تصحب من لا ينهضك حاله، ولا يدلّك على الله مقاله"

 

اهتم الإسلام بالصحبة اهتماماً بالغاً، لما لها من شأن كبير، وأمر خطير، فأمر بإلتزام الصادقين، قال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ التوبة}، وحضَّ على صحبة العابدين قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ الكهف}.

 ورغَّب باتباع طريق المنيبين، قال سبحانه وتعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ لقمان}، ونهى عن صحبة الظالمين، فَرُبَّ صحبة ساعة كشفت صاحبها الى قيام الساعة، وأعقبته ندماً لا ينتهي، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً}.

وفي هذه الحكمة للإمام ابن عطاء الله رضوان الله عليه يبين لنا ميزان العارفين بالله للصحبة وما يبتغونه من وراء الصحبة فيقول: "لا تصحب من لا ينهضك حاله، ولا يدلّك على الله مقاله" 

لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله: أي لا تصحب من لا يرقيك حاله الذي هو عليه لعدم علو همته، بل اصحب شيخاً عارفاً ينهضك حاله، بأن تكون همته متعلقة بالله تعالى، فلا يلجأ إلا إليه، ولا يتوكل في جميع أموره إلا عليه؛ ويدلك على الله مقاله لمعرفته بالله تعالى، فصحبة الأخيار أصل كبير في طريق التصوف، وأما صحبة الأشرار ففيها كبير اللوم.

الذي ينهضك حاله هو:  الذي ذا رأيته ذكرت الله فقد كنت في حال الغفلة فلما رأيته نهض حالك إلى اليقظة أو كنت في حالة الرغبة فلما رأيته نهض حالك إلى الزهد أو كنت في حالة الأشتغال بالمعصية فلما رأيته نهض حالك إلى التوبة أو كنت في حالة الجهل بمولاك فنهضت إلى معرفة من تولاك وهكذا.

والذي يدلك على الله مقاله هو: الذي يتكلم بالله ويدل على الله ويغيب عما سواه إذا تكلم أخذ بمجامع القلوب وإذا سكت أنهضك حاله إلى علام الغيوب فحاله يصدق مقاله ومقاله موافق لعلمه فصحبة مثل هذا أكسير يقلب الأعيان.

قالوا في أصول طريق التصوف ومن فيه خمس لا تصح مشيخته: الجهل بالدين وأسقاط حرمة المسلمين ودخول ما لا يعني وأتباع الهوى في كل شيء وسوء الخلق من غير مبالات.

 

قال سيدنا عليّ رضى الله عنه:

وصاحب تقياً عالماً تنتفع به ... فصحبة أهل الخير ترجى وتطلب

وإياك والفساد لا تصحبنّهم ... فصحبتهم تعدي وذاك مُجَربُ

واحذر مؤاخاة الدنيء فإنه ... يعدي كما يعدي الصحيحَ الأجربُ

واختر صديقك واصطفيه تفاخراً ... إنَّ القرين الى المقارن يُنسبُ


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل