الثبات ـ اقتصاد
أبحرت سفينة الشحن «إم في بافاريا» من أحد موانئ الفلبين صباح الثلاثين من شهر أيار الماضي وعلى متنها 69 حاوية من القمامة الكندية التي أصابها العفن، لم تضع حدا لخلاف دبلوماسي معقد بين الدولتين، فحسب، بل كانت بمثابة مؤشر على حدوث تغيير جوهري في نظام عالمي لعمليات إعادة تدوير المُخلفات.
ووافقت كندا بعد ضغوط استمرت سنوات على استعادة النفايات، بعدما صدرتها إلى الفلبين بداية من عام 2013، وهي تحمل تصنيفاً زائفا يصفها بأنها «مخلفات بلاستيكية».
وهذه الشحنات كانت جزءاً من عملية استمرت على مدار عقود، اعتادت من خلالها دول غنية، بينها الولايات المتحدة، أن تبعث بمواد بلاستيكية مستخدمة إلى آسيا لتخضع لعمليات إعادة تدوير، وعادة ما كانت هذه الشحنات تحتوي على مخلفات ملوثة لا يمكن إعادة تدويرها، ولكنها كانت تخضع للتفتيش الجمركي على أية حال ولم تكن الدول الآسيوية تملك سبلا قانونية لإعادتها إلى من حيث أتت.
وجاء اليوم الذي أوصدت فيه هذه البلدان أبوابها في وجه مخلفات الأغنياء وفي خضم تحرك عالمي ضد نفايات البلاستيك غير القابلة لإعادة التدوير، أعلنت فيتنام وتايلاند عدم استقبال أي من هذه المخلفات خلال السنوات المقبلة، وقالت تايلاند أنها ستقبل فقط مخلفات البلاستيك بعد فرزها ووضعها في تصنيف واحد، مما يسهل إعادة تدويرها.
وتبحث الفلبين وماليزيا إصدار حظر صريح في هذا الشأن، وقادت الدولتان سبيل المطالبة بأن تقبل الدول المُصَدِّرة للنفايات عودة المخلفات التي دخلت البلدين عبر طريق غير قانونية وعادة من خلال وثائق مزيفة.
ووضعت «اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها» لعام 1989 قيودا رئيسية على شحن المخلفات الخطرة إلى الدول الفقيرة، ولكنها، رغم ذلك، تضمنت ثغرة بشأن المواد المخصصة لإعادة التدوير، وخاصة البلاستيك.
فالولايات المتحدة، وهي واحدة من دول قليلة لم توقع على الاتفاقية، تستطيع تصدير مخلفات خطرة، ولكن فقط عبر اتفاقيات ثنائية، إحداها مع الفلبين. وفي اجتماع عقد في مدينة جنيف السويسرية في مايو/أيار الماضي، اتفق ممثلو 180 دولة على توسيع نطاق الاتفاقية لتغطي معظم مخلفات البلاستيك، وإخضاعها لنفس القيود التجارية التي تخضع لها المواد السامة.
يذكر أنه عندما كانت الصين تشتري أكثر من 50 في المئة من مخلفات العالم من البلاستيك – وقد استوردت 6.4 مليون طن في عام 2017، قبل تطبيق الحظر- لم تكن الدول الصناعية لتهتم يوما بأين ينتهي المطاف بزجاجات الصودا الفارغة، أو أكياس البلاستيك التي توضع فيها مواد البقالة، أو أوعية اللبن الرائب (الزبادي)، أو أي من أنواع المخلفات الأخرى.
وفي الوقت الذي ارتفع فيه استهلاك العالم من البلاستيك إلى 400 مليون طن سنويا ويتوقع له أن يتضاعف خلال 15 عاما، لم يكن أحد ليباري منشآت إعادة التدوير المحلية في الصين والتي اتسمت بكفاءة نسبية، أو حتى القاعدة الصناعية الضخمة في البلاد والتي حولت مخلفات البلاستيك إلى منتجات جديدة.