هل يجوز الاقتراض من أجل الحج؟

الإثنين 29 تموز , 2019 09:47 توقيت بيروت الفقه الإسلامي والفتاوى

الثبات - إسلاميات

هل يجوز الاقتراض من أجل الحج؟

 

فرض الله عز وجل الحج على عباده، وجعله من أركان الدين الحنيف، وذلك على المستطيع، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾

ولا يجب على المكلف الاقتراض للحج باتفاق الفقهاء؛ قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : "لا يجب عليه استقراض مالٍ يحج به، بلا خلاف" اهـ.
لكن لا مانع مِن أن يقترض ويحج إذا اطمأن إلى أنه سيرد القرضَ دون تأثيرٍ ضارٍّ على من تجب عليه نفقتُه، وقد ورد عن بعض السلف النهي عن الاقتراض للحج؛ فروى الإمام الشافعي، وابن أبي شيبة في "المصنَّف"، والبيهقي في "السنن الكبرى" -واللفظ له- عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه موقوفًا عليه: أنه سُئِلَ عن الرجل يَستقرض ويحج؟ قال: «يَسْتَرْزِقُ اللهَ وَلَا يَسْتَقْرِضُ»، قال: وكنا نقول: "لا يَستَقرِضُ إلا أَن يَكُونَ له وَفاءٌ". وأسند ابن عبد البر في "التمهيد" عن سفيان الثوري أنه قال: "لا بأس أن يحج الرجل بدَينٍ إذا كان له عُرُوضٌ إن مات ترك وفاءً، وإن لم يكن للرجل شيءٌ ولم يحج فلا يعجبني أن يستقرض ويسأل الناس فيحج به، فإن فعل أو آجر نفسه أجزأه مِن حجة الإسلام".


ومذهب الشافعية: أنه إن كان للمقترض وفاءٌ به ورضي المُقرِض فلا بأس بالاقتراض.

ومذهب الحنفية: جعلوا الاستقراض واجبًا إذا كان المكلَّف قد وجب عليه الحج وفرَّط ولم يحج وقت استطاعته و وجود المال معه ولو لم يكن قادرًا على الوفاء؛ لتفريطه.

أما مذهب المالكية: فعندهم احتمالان بالتحريم والكراهة إذا لم يكن له وفاء.

ومن مجمل ما سبق يتبين أنه:

إذا كان المكلَّف باقتراضه للحج سيُحَمِّل نفسَه أو مَن يعول فوق الطاقة ويعرض نفسه أو مَن يعول للفتن وما لا يقدرون على تحمّله فيترجح في حقه القولُ بالحرمة، أما إن كان تحصيل ما يَسُدّ به الدَّين سيُعَطِّله عن نوافل العبادات ومكارم الأخلاق ومعالي الأمور فيترجح في حقه القول بالكراهة، فإن لم يكن هذا ولا ذاك وكان يغلب على ظنه السداد بلا ضررٍ عليه وعلى مَن يعول جاز له القرض بلا حرمة ولا كراهة.
وعلى كل حال ومع اختلاف الحكم الشرعي باختلاف حال المقترض: فإن الذي يحج من مالٍ اقترضه يكون له ثواب الحج بإذن الله تعالى، وتسقط عنه الفريضة إن كانت حجته هي حجة الإسلام.

 

المصدر: دار الإفتاء المصرية


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل