بما أن اللغة العربية من أهم اللغات على الإطلاق، ومن أكثرها جزالة في الألفاظ وقُدرة على استيعاب المعاني الجليّة، وهي لغة فضفاضة واسعةُ المدى والبيان، نسأل: ما هي أهمية هذه اللغة؟
لعل من أهم الأسباب التي أعطت للغة العربية أهميتها، كونها لغة التنزيل (القرآن الكريم)، وهي اللغة التي اختارها ربنا عز وجل ليقيم الحجة على أرباب الفصاحة وفرسان البيان من كفار من قريش، فكانت معجزة خالدة تحتوي على البيان الكثير.
الأمر الآخر الذي يزيد من أهمية هذه اللغة، أنها تُعتبر من أهمّ وأقدم اللغات، وهي تشتمل على معانٍ ومصطلحات وصور وجماليات كثيرة، لكن مع تعدد اللغات في العالم وتعدد الشعوب واجهت هذه اللغة العديد من المشكلات، ومن أهم هذه المشكلات إهمالها واستبدالها باللغة العامية، ومحاولة البعض تقريب اللغة العامية للفصحى، بالإضافة إلى دعوة البعض لاستبدالها بالحروف اللاتينية، وإهمال الإعراب والنحو خلال كتابة النصوص.
ثم تسأل: كيف نشأت هذه اللغة؟
يعود أصل أقدم نصوص عربية عُثرَ عليها إلى القرن الثالث بعد الميلاد، وهي نصوص شعرية جاهلية تتميز ببلاغة لغتها، وأسلوبها الراقي، ووزنها الشعري المُنتظم، وترجح أغلب الأقوال إلى أن أصل اللغة العربية يعود إلى بلاد الحجاز في شبه الجزيرة العربية، وتطوّرت مع الزمن نتيجة عدة عوامل، منها تعدُد الحضارات وتعدُد لهجاتها، وإقامة الأسواق المُختلفة، مثل سوق عكاظ.
وتُعتبر الأسواق من أبرز العوامل التي أثّرت وتسببت في ظهور اللغة العربية الفصيحة وتطوّرها كثيراً.
أهم خصائص هذه اللغة:
1ـ التخفيف: وهو أن أغلب المُفردات في اللغة العربية أصلها ثلاثي، ثم يأتي الأصل الرباعي، ثم الخُماسي على الترتيب في كثرة انتشاره في أصول المُفردات العربية.
2ـ كثرة المُفردات: تزخر اللغة العربية بكمّ وافر جداً من المُفردات، ولا تحتوي لغة أخرى على عدد أكثر أو يُساوي العدد الذي تحتويه لغة الضاد.
3ـ الترادف: وهو أن يدل عدد من الكلمات على نفس المَعنى المراد.
4ـ علم العروض: وهو العلم الذي ينظم أوزان الشعر وبحوره، ويضع القواعد الرئيسية لكتابة الشعر، مما جعل الشعر العربي هو الأكثر بلاغة وفصاحة، نتيجة اتباعه أوزاناً مُحددة، وقواعدَ رئيسية.
5ـ الفصاحة: وهي أن يخلو الكلام مما يشوبه من تنافر بالكلمات، وضعف التأليف، والتعقيد اللفظي.
6ـ الأصوات ودلالتها على المعاني: ومعنى هذا أن يفهم معنى الكلمة إما بشكل عام أو بشكل دقيق، من خلال الصوت فقط، وهذه من أهم الميزات الخاصة باللغة العربية.
7ـ الثبات الحر: لعل من أكبر التحديات التي واجهتها العربية هو ثباتها وانتصارها على عامل الزمن والتطور، في حين أن اللغات الأخرى مثل الإنجليزية قد تطورت واختلفت بشكل كبير عبر الزمن.
ختاماً: اللغة العربية هي لغة الثقافة والهوية، وهي التي وحّدت الأمة وجمعت كلمتها في الماضي، وهي الأمل لجمع الكلمة في المستقبل، لذلك يقول الشيخ د. عبد الناصر جبري (رحمه الله تعالى): "لا يخفى على أحد أن اللغة العربية ليست لغة الأحرف والألفاظ والجمال والإبداع والتواصل والخطاب فحسب، بل هي لغة المكونات الفكرية والثقافية والعملانية للأمة الواحدة التي صنعت حضورها التاريخي وحضارتها وتبني من خلالها مستقبلها، فجمعت بين المباني والمعاني بعمقها المُتعلق بخطاب السماء لأهل الأرض".
إبراهيم حسين الموسى