في الذكرى 14 لعدوان تموز خلفية العدوان وممهدادته  ـ رامز مصطفى

الثلاثاء 21 تموز , 2020 11:08 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

" لم يكن ثمة انتصار ، لكننا لم نخسر بأي حال من الأحوال . حتى لو لم ننتصر ، إلا أننا لم نخسر " ، خلاصة مداخلة عمير بيريتس وزير دفاع كيان الاحتلال الصهيوني ، حول نتائج الحرب العدوانية التي شنتها حكومة يهود أولمرت على لبنان العام 2006 . هذه الخلاصة على ما جاء فيها من تناقض ومحاولة مكشوفة للتعمية على الحقيقة المرة التي لم يجرؤ أياً من قيادات العدو التفوه بها ، لاعتبارات شتى ، ليس أقلها التأكيد على مقولة كان أطلقها أحد عُتات الحركة الصهيونية ، ومؤسس كيانها الغاصب " ديفيد بن غوريون " في قوله : " إن إسرائيل تسقط بعد أول هزيمة تتلقاها " .

الكيان الصهيوني وجرياً على عادته ، وقطعاً في الطريق على أية منجزات أو انتصارات تحققها المقاومة سواء في فلسطين أو لبنان ، يعمد قادته على إعادة صياغة الخطط العسكرية في ضوء ما يتم استخلاصه من ملاحظات وثغرات ، بالاعتماد على الجهد الاستخباري وما يتوصل إليه من معلومات حول قدرات وإمكانيات الخصم . ورغم الجهود الحثيثة التي يبذلها العدو ، فقد أثبتت جميع الحروب التي شنها بعد العام 2000 سواء على المقاومة في لبنان أو فلسطين ، أنه عاجز تماماً عن تحقيق أي من أهدافه السياسية والعسكرية والأمنية ، سوى ما يحققه في نشر للدمار والخراب وارتكاب المجازر .

ويتضح من سياق ومجريات عدوان تموز ، أن خلفياته تجاوزت ما يُطلق عليه بالضربات الثأرية إذا جاز التعبير . بمعنى أن العدوان لم يكن ثأراً للهزيمة المدوية التي لحقت بجيش الاحتلال في جنوب لبنان ، ودفعته إلى الانسحاب مجبراً من دون قيد أو شرط . بل إنّ هذه الخلفيات تتصل بما هو أبعد من حدود استعادة قوة الردع العسكرية الصهيونية وهيبتها ، بعد أن بدأت في التآكل منذ العام 2000 . إلى خلفيات تتصل بالواقعين الدولي والإقليمي ، وما تسعى إليه الإدارة الأميركية وحلفائها الغربيين ودول عربية رجعية ، من محاولاتهم فرض مشروع يهدف إلى إعادة رسم المنطقة على أسس وقواعد تمكنهم من الإمساك بدولها . وهذا ما اعترفت به وزيرة الخارجية الأميركية كوندا ليزا رايس أثناء تواجدها في لبنان خلال العدوان ، حين صرحت :- " أنّ ما يشهده لبنان هو مخاض لشرق أوسط جديد " . وتنفيذ هذا المشروع وحسب المقرر لدى الإدارة الأميركية وحلفائها آنذاك ، أن يصل ليطال المقاومة الفلسطينية وكل من سورية وإيران ، فيما لو نجح العدو الصهيوني من إلحاق الهزيمة بحزب الله والمقاومة في لبنان . بمعنى أن هذا المشروع يستهدف قوى المقاومة والممانعة في المنطقة ، بهدف إخضاع دولها بعد تقسيمها على أسس طائفية ومذهبية وعرقية واثنيه .

مقدمات هذه المشروع كان القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2004 ، بما يتضمنه من استهداف واضح ومباشر للمقاومة وسلاحها ، وانسحاب بقية القوات الأجنبية من لبنان . وبما يُسهل وصول الجيش اللبناني إلى مناطق الجنوب ، في خطوة أراد من خلالها أصحاب القرار التعويض على كيان العدو الصهيوني ، بخسارتهم لجيش العميل لحد ، أن يحولوا الجيش اللبناني صاحب العقيدة الوطنية ، إلى شرطي وحرس حدود . 

وجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005 ، نفذت في سياق الدفع بالقرار 1559 إلى التطبيق من أجل والتعجيل في تتفيذه ، أولاً من خلال فرض تنفيذ انسحاب القوات العربية السورية من لبنان ، عبر حملة شعوبية منظمة في اتهام سورية بأنها هي وحلفائها يقفون خلف جريمة الاغتيال ، وما تلاها من عمليات اغتيال . وثانياً ، العمل المكثف والمنظم على شيطنة حزب الله وتشويه صورته وسمعته ، وهذا ما اعترف به السفير الأمريكي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان :- " لقد أنفقنا أكثر من 500 مليون دولار منذ العام 2006 من أجل تشويه حزب الله والحد من صورته الإيجابية لدى الشباب اللبناني " . وعندما أدركت الإدارة الأميركية وحلفائها أن لا أحد لديه المقدرة على تنفيذ القرار ، قررت دفع الكيان الصهيوني التحرك من خلال شن عدوان على لبنان ومقاومته . حيث وجدت حكومة أيهود أولمرت آنذاك في العملية البطولية التي نفذتها المقاومة وتمكنها من أسر عدد من الجنود الصهاينة في الجنوب اللبناني ، ضالتها المنشودة وذريعتها النموذجية حسب اعتقادها ، بهدف إطلاق حرب مدمرة ، أثبتت الوقائع وبعد أيام أنّ الحرب كان مُعدٌ ومخططٌ لها منذ انسحاب جيش الاحتلال مرغماً من جنوب لبنان في  أيار العام 2000 .

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل