الاعتداء على إيران وفرضية السعي للحرب ـ رامز مصطفى 

الخميس 09 تموز , 2020 07:44 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

الاعتداء على المنشآت الإيرانية الحساسة، في محطة (مدحج زرعان) المخصصة لإنتاج الغاز، و(نطنز) المخصص للأبحاث النووية السلمية، وموقع مخصص لإنتاج الصواريخ الباليستيّة، ليس حدثاً عابراً، يمكن النظر إليه أنّه أتى من خلفية الرد على الهجمات الإيرانية ضد قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق، انتقاماً لاغتيال اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، أو رداً على إسقاط درة الطائرات المُسيّرة الأميركية والأغلى ثمناً ، أو رداً على الجرأة الإيرانية في كسر الحصار البحري على فنزويلا . إنما يجب النظر إليه ، أنّه يقع في سياق القرار الاستراتيجي الذي تسعى وراءه إدارة الرئيس الأميركي ترامب وشريكه بنيامين نتنياهو، وهما غارقان في جملة من المآزق والأزمات، هي في الأصل تعبير عن تحديات كبرى تواجههما. والقرار هو في السعي لاستدراج إيران،  ومحور المقاومة إلى الحرب ، التي هي أصلاً  مستعرة على غير صعيد وبأشكال مختلفة، وتسمع قرع طبولها منذ زمن .

من المنطقي أن توّجه أصابع الاتهام لكل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، بأنهما يقفان وراء تلك الاعتداءات، من خلفية ما يضمرانه من عداء وكراهية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكلاهما لا يخفي ذلك . وفي السياق لطالما سعى نتنياهو من خلال تحريضه المتواصل على إيران، لدفع الولايات المتحدة إلى القيام بشن هجمات تستهدف المواقع النووية الإيرانية، أو السماح للكيان التكفل بالمهمة .

ما يُعزز فرضية أنّ الإدارتين في الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ، تسعيان لاستدراج إيران إلى تلك الحرب ، التصريحات التي أدلى بها " أفيغدور ليبرمان " ، والتي قال فيها : " أنّ مسؤولاً كبيراً في الأجهزة الأمنية  صرّح، بأن إسرائيل هي المسؤولة عن التفجير الذي شهدته إيران في منشأة نطنز النووية " . وبحسب تلميحات ليبرمان هو يوسي كوهين قائد جهاز الموساد الصهيوني . وبدورها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في نقلها عن مسؤول أمني في المنطقة ، بأن كيان العدو الصهيوني هو المسؤول عما تعرضت المنشآت الإيرانية من اعتداءات . بمعنى أنّ كلام ليبرمان هو اعتراف بأنّ كيان الاحتلال يتحمل مسؤولية هذه الاعتداءات، مما سيحتم على القيادة الإيرانية أن ترد على الهجمات، بغضّ النظر عن التوقيت. وهذا ما أكده المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي " ينبغي انتظار التقارير النهائية لمجلس الأمن القومي الإيراني، لكن في حال توصلت التقارير إلى وجود عامل أو إجراء خارجي، سنرد بالشكل المناسب". بالإضافة إلى أنّ معظم المُحلّلين في الولايات المتحدة، ذهبوا في تحليلاتهم عن أنّ رئيسهم سيذهب إلى شنّ الحرب على إيران، إذا ما فقد الأمل في الوصول إلى ولاية رئاسية ثانية للبيت الأبيض، بسبب جملة من الأخطاء القاتلة، أولها، فشله في مواجهة فيروس كورونا، وثانيها في التظاهرات المتواصلة في الولايات الأمريكية . إنما يأتي ليُعزز تلك الفرضية .

وهنا تبرز ثلاثة أسئلة هامة، على صلة بتلك الفرضية . الأول: هل هناك طلب أميركي لنتنياهو بضرورة تأجيل خطوة الضّم في الضفة الغربية وغور الأردن ؟  والثاني: هل المناورات العسكرية الأميركية في بحر الصين، وإن كانت رسالة موجهة للصين، إلاّ أنّها تقع في خانة التمويه على النوايا الأميركية اتجاه إيران؟ أما الثالث: ما علاقة التطورات التي يشهدها العراق، والمتمثلة في قيام رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، بإعطاء الأوامر للأجهزة الأمنية بمداهمة إحدى مقار الحشد الشعبي، واعتقال عدد من عناصره، بتهمة المسؤولية عن إطلاق صواريخ بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد. وبالتالي اغتيال هاشم الهاشمي، والسعي إلى شيطنة الحشد الشعبي، بهدف تحسين صورة "داعش"، الذي عاود تحركاته في أكثر من منطقة عراقية؟

الأيام المقبلة هي من سيجيب على تلك الأسئلة، والتي ستحدد صحة فرضية بأن الحرب التي تسعى وراءها الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني واقعة ولا مفرّ منها . لكنّ ذلك لا يعني بأنّ الحسابات قد لا تتغير وفق التطورات، خصوصاً إذا ما أدرك ترامب ونتنياهو أنّ إيران ومعها محور المقاومة، أيضاً يسعيان إلى حربٍ مفتوحة في عموم المنطقة .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل