كيف تتعامل واشنطن مع الملف الليبي؟ ـ فادي عيد وهيب

الخميس 19 آذار , 2020 09:45 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تحير الجميع في كيفية تفسير مواقف الولايات المتحدة الأميركية تجاه الملف الليبي، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرك جيدا أن رئيس حكومة الوفاق فايز السراج هو صنيعة الأسرة الدولية التي أقدمت على تدمير ليبيا في 2011م، وأن حكومة السراج تلعب دور الغطاء السياسي لمؤسسة تتحكم فيها المليشيات والمرتزقة المدفوعة بالسلاح التركي والمال القطري.

وتأكد هذا الأمر للجميع بعد صراع المصالح والمال الذي أنفجر بين مليشيات طرابلس القديمة والمستجدة القادمة من سوريا برعاية أردوغان مؤخرا عبر وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشأغا، ولا عجب في ذلك.

ففايز السراج رئيس الحكومة نفسه عرض على روما أقامة قواعد عسكرية لها في طرابلس بعد تواجدها في مصراتة، فلا غرابة عندما عرض فتحي باشأغا وزير داخلية حكومة فايز السراج على واشنطن أقامة قواعد عسكرية لها في طرابلس، بعد محاولاته لأقناع الغرب والأميركان بأن الحل ليس في سحب شرعية حكومة الوفاق بل في أن يكون هو نفسه بديلا للسراج، فكلاهما لصوص وهذه ليست صدفة وكلاهما من أصول تركية وتلك أيضا ليست صدفة.

ولكن، برغم ذلك يبقى المتابعون للملف الليبي في حيرة من مواقف واشنطن تجاه ذلك الملف المعقد بسبب أصرار إدارة دونالد ترامب على عدم النزول بثقلها في ليبيا وحسم الصراع لصالح أحد أطرافها، ففي وقت تظهر واشنطن على أنها طرف مساعد للمشير خليفة حفتر، وبعدها بأيام قليلة تظهر كمدافع قوي عن حكومة السراج، حتى تحير المتابعون في تشخيص موقف الولايات المتحدة، على عكس الموقف الروسي الصريح في دعم المشير حفتر، وهذا قد لا يكون غريباً على توجهات رجل الأعمال دونالد ترامب ومجموعته، فإدارة ترامب هي من منحت الضوء الأخضر لمقاطعة قطر، وهي من تضغط الأن على الدول الخليجية الثلاث للتصالح مع قطر، وفي الحقيقة هو قرار إنجليزي بأمتياز، كحال القرارات والتحركات الانجليزية التي تهدف لمنع تقدم حفتر لتحرير طرابلس، أو القرارات الدولية التي أوقفت تقدم القوات الإماراتية نحو مدينة الحديدة اليمنية.
فبريطانيا والولايات المتحدة كالعقل والعضلات، وكل ما عرض بالفقرة السابقة يوضح هذا، وكذلك ما يحدث على ملعب "كورونا الدولي" الآن، بعد أن ألغت الولايات المتحدة كل الرحلات من وإلى أوروبا ما عدا بريطانيا بسبب تفشي فيروس كورونا في القارة العجوز، بريطانيا التي خرجت من الإتحاد الأوروبي ولا تريد أن تخرج بأتفاق مع دول الاتحاد أو أي خسارة أمامهم، بعد أن بذلت إدارة الرئيس الأميركي منذ توليه الحكم كل ما بوسعها لتدمير القارة العجوز وفي المقدمة القاطرة الأقتصادية المانيا والقاطرة السياسية فرنسا، ولكن تبقى هناك أهداف واضحة تسعى واشنطن لمعرفتها في الداخل الليبي، وأسس ثابتة تهدف دوما لعدم الخلل بها في أدارة الصراع الليبي، لأن بوصلة دونالد ترامب، هي كالأتي :

أولا معرفة ما لدى الرجمة (مقر القيادة العامة للجيش الليبي) مستقبلا فى حال تم تحرير كامل طرابلس وإنهيار حكومة الوفاق، وما هي الخطوات التي ستقدم عليها، وهل أن حفتر يطمح فى أن يكون رئيس ليبيا القادم أم لا؟

ثانيا العمل على الحد من النفوذ الروسي المتصاعد مؤخرا في ليبيا، ومحاولة مساومة حفتر بمنحه أمتيازات مقابل التخلي عن موسكو، فلدى الولايات المتحدة الأميركية تخوف شديد من أن تصبح روسيا التى وضعت قدماً في المياه الدافئة بالبحر المتوسط في طرطوس السورية أن تضع الأخرى في بنغازي ليبيا، كي يكون لها قدم في الشام وأخرى في شمال أفريقيا، قدم بجوار أهم نقطة تقدم لحلف شمال الأطلسي (تركيا)، والأخرى في سواحل ليبيا كي تكون على بعد 300كم من السواحل الأيطالية التي تحمل الأسطول الأميركي السادس.

ثالثا هناك رغبة خفية لدى واشنطن في تكرار سيناريو الشمال السوري في ليبيا، وهو السيطرة على النفط، بعد أن تم وضع مواقع النفط فى شمال سورية تحت سيطرة جنودها برفقة حلفاء أو بالأدق أتباع واشنطن وصبيانها فى الجزيرة السورية الا وهم الأكراد، فعين التاجر الأميركي منذ بداية الحرب على سورية لم تغفل عن إحتياطات نفطها، فما بالكم بالحال مع إحتياطات النفط الهائلة لدى ليبيا.

ومن هنا نقول أن ليبيا كانت بداية معركة الكبار (الولايات المتحدة وروسيا)، و تذكروا تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء حواره التلفزيونى الذى أجراه يوم 17 ابريل/أيلول 2014م، عندما قال: "أن العلاقات مع الولايات المتحدة توترت بعد الأحداث في ليبيا، وليس بعد أحداث شبه جزيرة القرم."

فليبيا كانت بداية معركة الكبار، وهناك العديد من الأوراق لم تظهر على الساحة الليبية بعد، وأن كانت المعركة السورية ترسم خريطة الشام لمئة عام مقبلة، فالحرب الليبية ترسم شكل خريطة شمال أفريقيا ودول الساحل والصحراء لمئة عام قادمة أيضا، وهنا السؤال بات يطرح نفسه هل الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا سينتقل من سوريا الى ليبيا، أم أن الأمور ستختلف وقد يتفق الطرفان على تحرك واحد في ظل جهود مصرية مكثفة لقطع الطريق على تركيا التي تحلم برسم خريطة خلافة الدم من جديد في الشام وشمال أفريقيا، وهي الجهود التي تكللت بزيارة وزير الخارجية الليبي عبد الهادي الحويج إلى سورية، وعودة فتح السفارة الليبية في دمشق، والعمل على التنسيق والتعاون الأمني في ظل وجود خطر مشترك وهو العدوان التركي عليهم.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل