أردوغان بين شقيّ الرحى إدلب وطرابلس الليبية ـ فادي عيد وهيب

الإثنين 02 آذار , 2020 01:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بعد أن تكبد الجيش التركي عشرات القتلى في صفوف جنوده بإدلب السورية وطرابلس الليبية في الأيام الماضية، وخوفه من أن تتحول المواجهة في الميدان السوري تحديدا إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، أستجدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الناتو أكثر من مرة ولكن بلا جدوى، ويبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترك أمر أردوغان لوقت ليس بالقليل لبوتين، أما من لم يتردد في دعم أردوغان فكانت دولة الإحتلال التى كلما رأت موقف أردوغان متأزماً في شمال سورية كانت تتجه للعدوان على الجنوب السوري، لتخفيف الضغط عن المحتل التركي في شمال سورية، وعند لحظة يأس أردوغان، أضطر الرئيس التركي لأبتزاز أوروبا بورقة اللاجئين كعادته (أخر ورقة يملكها وأكثر ما يقلق المستشارة الالمانية انجيلا ميركل)، ولكن بنفس الوقت هو مضطر أيضا للعودة إلى بيت الطاعة الروسي مجددا.

المضحك في قلب مسلسل سياسات رجب طيب أردوغان المتناقضة والتى أراها أكثر تشويقا من المسلسلات الدرامية التى تصدرها لنا إسطنبول، أن أردوغان وحزبه الذين كانوا يقولون على حلف الناتو بـ "الحلف الصليبي" توسلوا له بكل السبل كي ينقذهم من فلاديمير بوتين وبشار الأسد، وأن من يقال عنه ثاني أقوى قوى عسكرية في حلف الناتو (الجيش التركي) ومن يحمي بوابة أوروبا الجنوبية، فجأة أكتشفنا أنه لا يمتلك منظومات دفاعات جوية في جنوب شرق تركيا على الحدود مع سوريا ذي كفاءة وبقدر كافي (كما صرحت أنقرة)، وأن الطائرات المسيرة التركية التى تباهي بها أردوغان وصدعنا صبيانه على القنوات الإخوانية التركية الناطقة بالعربية على أنها معجزة صناعية تطير في السماء، تتساقط في شمال سوريا وطرابلس كالذباب.

وأن الجيش الذي لقبه أردوغان بـ "الجيش المحمدي"، عقيدته العسكرية هي جزء من أستراتيجية حلف الناتو الصليبي (كما يصرح قادة الجيش التركي وقيادات حزب العدالة والتنمية)، وأن قراره السياسي ليس في إسطنبول ولكن في مقر خلافة الإسلاميين بالقرن العشرين في لندن.

وحين ما أعترضت سابقا المعارضة التركية على أسلوب أردوغان الرخيص في التعامل بورقة اللاجئين، وصرخ حينها الخليفة العثماني أردوغان الأول في وجههم، قائلا :"هم المهاجرون ونحن الأنصار" !!!

ثم بعد أن تلقى أردوغان الصفعات من روسيا وسورية على التوالي ولم يجد ردا، لم يعد أمامه الا أبتزاز أوروبا بتلك الورقة، وحينها لم يعد في خطاب أردوغان، "السوريون مهاجرون" بل عبء على الدولة التركية (حساب خطابات أنقرة)، ولم يعد الأتراك أنصارا بل لصوصا تستحل أعراض السوريين وأموالهم ومحلاتهم في شوارع تركيا، مع العلم أن أردوغان يتحصل على مليارات الدولارات من أوروبا لايواء هولاء اللاجئين منذ بداية الحرب.

خلاصة القول الحل لكل من أردوغان وإدلب وطرابلس الغرب بات في موسكو، والأهم أن بوتين لن يضحي بالأسد مقابل قرد لا يجيد الا القفز على الحبال، والأكثر أهمية هو التنسيق الأمني العالي بين ليبيا وسورية، الذي ترجم خلال اللقاء الذي جمع قيادات سياسية وأمنية سورية على رأسها وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع الوفد الليبي الذي ضم كلا من وزير الخارجية والتعاون الدولي عبدالهادي الحويج، ووزير الدفاع المكلف اللواء يونس فرحات، ورئيس جهاز المخابرات الليبية اللواء مصطفى المقرعن، وعبد الرحمن الأحيرش نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الليبية، وهو اللقاء الذي دار ببداية الأسبوع الجاري في العاصمة السورية دمشق.

أخيراً وليس آخراً، المشهد في الأعلى يتغير كما شاهدنا، على أرض الميدان في تفاصيلة أيضا كان يتغير بسرعة شديدة، فصراعات المليشيات والمرتزقة في طرابلس هي أنعكاس واضح على مساعي فتحي باش أغا في أن يحل بديلا لحامد كرزاي ليبيا المدعو فايز السراج، وأن يشكل باش أغا حكومته الوطنية أو بالأدق حكومته الوهمية، قبل أن يكون السبب في الخلاف بين تلك المليشيات والتنظيمات هو حصص المال الموزعة من هنا أو من هناك، كما أن أردوغان الأن صار بين شقيّ الرحى (سوريا- ليبيا) بعد أن بات عدوهم واحد وبندقيتهم واحدة، ومن أستطاع طرد حريم وغلمان السلطان من ديارهم يستطيع إسقاط الخليفة نفسه من على عرش التنظيم الدولي لجماعة الإخوان.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل