عملية البنيان المرصوص وتفكك تحالف العدوان ـ يونس عودة

الثلاثاء 04 شباط , 2020 11:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تقترب حرب الاغبياء - الاثرياء على اليمن وشعبه الفقير الابي من عامها السادس , ومع كل يوم تزداد الخسائر في جانب دول العدوان بقيادة السعودية سواء على الصعيد المادي بحيث بلغت الخسائر مئات مليارات الدولارات , او العسكري حيث مرغ انف القيادات العسكرية - المتخرجين من الكليات الغربية ولا سيما الاميركية ,لتصبح نجومهم تحت نعال "الحفاة ", مقابل ارتفاع منسوب البأس والشكيمة لدى المقاتل اليمني سواء في الجيش او في اللجان الشعبية ,الذي لا يمر يوم من عمره الا ويسطر اسطورة جديدة غير مسبوقة في العلم العسكري , ليس فقط لعدم التناسب في موازين القوى , وانما في الاخلاص للانتماء ولعدالة القضية التي يدافع عنها .

ارادت دول العدوان عشية دخول الحرب عامها السادس , بعد مجازر لم تشأ دول العالم  على مدار السنوات الماضية الا الاعتراف بحصول بعضها , وغض الطرف عن غالبيتها , ان تسجل كسبا ميدانيا يمنحها قدرة ما على فرض شروط جربت الحصول عليها فيما سبق وفشلت ايما فشل .وشنت الدول العدوانية حربا نفسية غير مسبوقة خلاصتها ان دخول صنعاء والسيطرة عليها بات في الجيب, سيما وان السيطرة على الحديدة فشل بالتوازي مع المحاولات المتكررة لافشال اتفاق استوكهولم .

لقد حشدت قوى العدوان 17 لواء و20 كتيبة تحضيرا لشن الهجوم على صنعاء , وحاولت تشتيت انتباه الجيش واللجان بعمليات جانبية , لكنها لم تدرك انها كانت تحت مراقبة لصيقة , حتى إحصاء النفس , رغم ان الطيران والاقمار الصناعية الغربية تمسح ما يجري على مدار الساعة , وتمكن المقاتلون اليمنيون من ارتقاء التضاريس الوعرة والمعقدة , ونصب الكمائن على مساحة جغرافية واسعة ,واعدوا لهم ما استطاعوا  دون ان يُلحظوا , وكأن الطير على رؤوس المعتدين .واكتملت مداميك "البنيان المرصوص" .

المهم، وقعت المفاجأة , وانقلب السحر على السحرة,وتناثر الهجوم بين الهضاب والصخور في" نهم ", وانطلقت عملية "البنيان المرصوص " من شقوق الصخور على شكل قوس ومن اربع جهات ,او ما يعرف بفكي كماشة مع ترك منفذ لتفر عبره قوى العدوان المذعورة, تاركة خلفها مئات القتلى والمصابين في ارض المعركة بعد ان كانت تسعى الى السيطرة على مواقع لها قيمة استراتيجية ,بوهم الانطلاق باتجاه صنعاء ,ما ادى الى تحرير "نهم" بالكامل .رغم شن طيران التحالف اكثر من 250 غارة قوبلت وفق ما قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، ب"62 عملية استهدفت مطارات ابها وجيزان ونجران وقاعدة خميس مشيط وشركة ارامكو وهدفين حساسين في العمق السعودي", شاركت فيها القوى البرية -صواريخ - والجوية -طائرات مسيرة .

ونتج عن الانجاز الاستراتيجي على المستوى الميداني " وقوع 3500قتيل ومصاب واسير بينهم 1500قتيل، وبين القتلى عدد كبير من القيادات من مختلف المستويات وبلغ عدد المصابين 1830بحسب المعلومات الاستخباراتية "وتحرير 2500 كيلومتر مربع , كما ان النتائج الاهم هو تفكيك الالوية والكتائب التي كانت معدة للهجوم , وقيام ضباط من رتب مختلفة من الملتحقين بقوات منصور هادي نزيل الفندق السعودي, باجراء اتصالات للالتحاق بالجيش واللجان الشعبية , وبتشجيع من القبائل والعشائر التي اذاقتها قوى العدوان سواء السعودية او الاماراتية مرارة الهيمنة والاحتلال .

اما في النتائج الاستراتيجية على المستوى السياسي , فكانت مسارعة السعودية التي اعترف احد مسؤوليها لمجلة "وول ستريت جورنال" بصحة استهداف ارامكو من دون اعطاء اية تفاصيل , مع التكتم عن الاهداف الحساسة الاخرى , ومن دون نفي، تلافيا لما قد يعلنه الجيش اليمني كما حصل في ضربات سابقة , الى تشغيل محرك سياسي من اولى ثماره , السماح بنقل مرضى من صنعاء للعلاج في الخارج , لتعذر العلاج محليا .

وأمام هذه التطورات سجل عودة الخلاف بين مكونات التحالف , لا سيما بين السعودية والامارات , وهو ما ينعكس في عدم عودة حكومة هادي الى عدن , واقامة شبه اجبارية لهادي في السعودية , ومنع التأشيرات عن وزرائه للدخول الى السعودية لمقابلته , وفي هذا السياق دعا وزير النقل في حكومة منصور هادي , صالح الجبواني السعودية إلى السماح لأعضاء الحكومة  بحرية السفر من وإلى السعودية،وكتب الجبواني على "تويتر": "‏نحتاج زيارة الرئيس هادي لنضع أمامه بعض الملفات عن نشاطنا الخدمي والسياسي، ولكننا منذ شهر لم نحصل على التأشيرة"​​​.وأضاف مخاطبا ولي العهد السعودي: "يا سمو الأمير محمد بن سلمان، إما أن يكون لأعضاء الحكومة اليمنية حرية السفر من وإلى المملكة أو يعود الرئيس لليمن". وأشار الوزير إلى أنه، بإمكان الرئيس "الإقامة في سيئون أو عتق أو مأرب أو المهرة".

على ما يبدو ان الحرب على اليمن لن تضع اوزارها قريبا , لان دول العدوان ولا سيما السعودية واقعة بين مطرقة الهزيمة الحتمية اذا واصلت العدوان رغم كل الغطاء الدولي، والفرص الممنوحة لها لتسجل فوز ميداني يؤهلها لفرض شروط , وبين سندان وقف الحرب حاليا ما سيؤدي الى غضب داخلي لا يمكن ان يحتمله ولي العهد محمد بن سلمان , وخصوصا ان المتربصين به من العائلة الحاكمة كثر ينتظرون الفرصة للانقضاض على من "اهانهم", وفشل في تطويع الشعب اليمني .لكن وبلا ادنى شك فإن عملية البنيان المرصوص كانت درسا قاسيا وصفعة مؤلمة لتحالف العدوان وبالاخص القيادة السعودية .ما سيدفع الى تفكك دول العدوان كمرحلة اولى .

لقد ضيعت السعودية فرصا ذهبية لوقف العدوان على اليمن وشعبه , والانتقال الى سلام كان متاحا , سواء في مفاوضات الكويت او عمان اوجنيف , وحتى السويد وغيرها , حتى انها رفضت وقفا للقتال في الاعياد ولا سيما الاضحى المبارك او الفطر وغيرهما , بسبب المكابرة , وعدم تقبل واقع لا تريد ان تراه .

ان استمرار الحرب على اليمن او وقفها , تحول في الحالتين الى باب تفكك مملكة ال سعود التي عليها ان  تتحمل وزر "اسوأ ازمة انسانية في العالم " وفق توصيف الامين العام للامم المتحدة .

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل