رؤية للشرق الأوسط قبل  العام الجديد ـ فادي عيد وهيب

الخميس 26 كانون الأول , 2019 11:40 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ينتهي عام 2019 وينهي معه مرحلة  من حرب كبرى شنت على منطقة الشرق الأوسط منذ الغزو الأمريكي للعراق 2003م كي تبدأ مرحلة جديدة، ولا ينهي معه الحروب الدموية التى خلفت ضحايا بمئات الالاف، والان رقعة الحرب من ايران غربا حتى الجزائر شرقا، قد تختلف الحرب فى شكلها بكل دولة، ولكن يبقى مدبر الحرب والمستفيد منها واحد ودعونا نلقي نظرة بأخر التطورات في سوريا، السودان، ليبيا، مصر، لبنان، تونس، الجزائر وما حولهم.

لم يحدث مرة منذ بداية الحرب الكونية على سوريا أن تقدم الجيش العربي السوري شمالا محاصرا جنود تركيا بمرتزقتها كما هو الحال في معرة النعمان_ إدلب الان، الا وان قامت اسرائيل بعدوان على نقاط حيوية وإقتصادية في الجنوب السوري للضغط على دمشق كي تتراجع.

فكل إرهابي يفلت من مدافع ودبابات نمر قوات الجيش العربي السوري في سوريا يتم ترحيله الى طرابلس ليبيا بأمر من الخليفة العثماني” أردوغان الأول”، والحقيقة طرابلس الليبية وصل لها ما يكفي من مرتزقة في الأخيرة.

مشهد ليس ببعيد عن سوريا وثورة جنود الدجال فيها، عندما إعلن داوود اوغلو عن تأسيس حزبه "حزب المستقبل"، فجاء أحد أبرز مؤسسي ذلك الحزب هو ألبتكين هوجا أوغلو ولمن لا يعرف ذلك الاسم فهو المعارض أو بالادق العميل السوري خالد الخوجة.

نعم هي عملية كبرى لتدوير الإسلاميين في تركيا، وتحضير البديل من الإسلام العثماني أيضا فى حال سقوط اردوغان.

وفي السودان أخذ حميدتي قائد قوات الدعم السريع أول خطوة فى طريقه نحو الرئاسة بأنضمام قواته لحزب "الأمة" (الصادق المهدي)، فطموح حميديتي السياسي تكلمنا عنه منذ البداية، وكذلك تمنينا من الدولة الخليجية الداعمة له من مراجعة نفسها كي لا تكرر أخطاءها باليمن في السودان، فتاريخ حميدتي الانتهازي جعله عبء على عبد الفتاح البرهان وعلى السودان ككل.

اما في ليبيا فالاطراف الإقليمية المتنازعة مباشرة (مصر، الامارات، اليونان – تركيا، قطر) بات كلا منها ينتظر الاخر أن يأخذ الخطوة الاولى في الميدان الليبي.

الكل ينتظر الفعل وجيمعهم مستعدون لرد الفعل، ولكن الأخطر لو دخل الملف الليبي فى طريق المقايضة الروسية التركية كحال الملف السوري، فحينها الأمر سيكون أسواء من سوريا  بمراحل، وهو ما تنبأت به المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، ولذلك الإنتظار من جانب حلفاء الجيش الوطني الليبي ليس فى صالحهم، الا إذا أحدث الجيش الليبي المعجزة وحرر طرابلس قبل الدقيقة90.

رحيل رئيس الاركان الجزائري الفريق قايد صالح الذي بدأ حياته مجاهدا ضد الاستعمار الفرنسي وأنهاها ضد عملاء فرنسا فى الجزائر (العصابة)، وبفضله ثورة الجزائر كانت الوحيدة التى لم تراق فيها نقطة دم واحدة، وصاحب التاريخ المضئ والسيئة الوحيدة هي توقيت رحيله عن عالمنا، فالمعركة في الجزائر لم تنته  بعد ولكن هذا قضاءالله،فرحيل صالح أمر ليس بالهيّن، فما بعد رحيل صالح لن يكون كما قبله، فالمؤسسة العسكرية الجزائرية كانت و صية على أهم الملفات الخارجية التى تخص الدولة الجزائرية وفي مقدمتها قضية الصحراء مع المغرب، وبعد سقوط بوتفليقة صارت هي من توجه دفة العلاقات مع باريس، وتسعى للعب دور مباشر فى أزمة جارتها الشرقية ليبيا.

 في كل الحالات سننتظر شكل تعامل الجزائر الجديدة تجاه ملفات هامة حتى وإن كان رئيس الأركان الجزائري الجديد اللواء سعيد شنقريحة هو أحد أبناء قايد صالح فى الفكر والرؤية والجيل، فالداخل الجزائري لن يهدأ بفعل فاعل، وبرغم أن الانتخابات الرئاسية تمت وتولى زمام البلاد رئيس مدني وليس ذو خلفية عسكرية كما كان يتمنى ثوار الجزائر، فثورات العرب كنفطها لم تكن يوما سبب خير لهم بل نقمة عليهم.

وفي لبنان فعلت الولايات المتحدة كل شيء لتهميش حزب الله، وحزب الله كان الاكثر ذكاءً وصبراً كعادته ودعم الحريري، الى أن إنتفضت الثورة ضد الحريري وضد كل الوجوه، والأن وبعد أن أنسحب الحريري من المشهد تماما، أنتفض الشارع "السني" الذى كان يسب ويقذف الحريري لمدة 68 يوما على الأقل خلال تلك الثورة، مطالبين بعودة الحريري ، ويبدوأن الشارع "الحريري" كما كانت رهاناته خاطئة فى الماضي كذلك جاءت قراءته للاحداث الأخيرة في لبنان.

وعلى الجانب الأخر من الثورة اللبنانية أو بالأدق الصراع بين واشنطن وبيروت، وضع ديفيد هيل نائب وزير خارجية أميركا "البلوك9" وسلاح حزب الله مقابل أستقرار لبنان الإقتصادي والأمني معا، فمشروع أنبوب غاز إسرائيلي لأوروبا يعد أحد أولويات واشنطن، ولذلك كان مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي بنفسه حاضرا كراعي رئيسي لأجتماعات الغاز بين اسرائيل واليونان وقبرص وايطاليا.

وفي تونس جاء الحال كما توقعنا أيضا، وقلنا منذ البداية مع فوز قيس سعيد وربما من قبل فوزه، بأنه سيكون منصف المرزوقي النسخة الثانية بنكهة أردوغانية، كما جاء كلامنا فى مقال بتاريخ 16أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعنوان " قيس سعيد هل يكون أردوغان النسخة العربية أم بورقيبة جديد"

واليوم قيس سعيد يستقبل الرئيس التركي أردوغان ومعه وزيرا الخارجية مولود تشاووش أوغلو، والدفاع خلوصي أكار، ومدير المخابرات التركية، وطبعا كلمة السر في هذا اللقاء الذى لم يعلن عنه مسبقا هي "ليبيا"، ففي عهد الراحل السبسي كان من يدير ملف ليبيا حزب النهضة الإخواني، واليوم صار الغنوشي هو الحاكم الخفي والعلني والفعلي لتونس، ولا عزاء لمن لا يدرك مفهوم كلمة "رجل دولة" ويهتم بالخطابات الحنجورية فقط ومازال يعيش دور المحاضر الاكاديمي الواعظ، الذى يهتم بصيغة الكلام والقافية والسجع على حساب المضمون.

أخيرا وليس أخرا يبقى المستفيد الأكبر فى كل ما يحدث الأن ومنذ 2011 هي نفس دولة الإحتلال، التى ينهار كل من حولها ويتفكك، والتى تستعد لكتابة أول سطرين فى معادلات "غاز شرق المتوسط" مع بداية العام الجديد عبر توقيع أتفاق لمد أنبوب غاز لقبرص واليونان كي يتم تصديره لأوروبا، وأتفاق ثاني مع مصر لتوريد الغاز لها، وخلال سياستها التوسعية تضع غور الأردن والنظام الهاشمي نفسه كهدف  لها.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل