ما السر وراء التهديد الأميركي لمصر في حال شراء القاهرة مقاتلات "سو ـ 35" ؟ ـ فادي عيد وهيب

الأربعاء 20 تشرين الثاني , 2019 09:29 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

أرسلت وزارتي الخارجية والدفاع الأميركية رسالة تحذير إلى القاهرة بأنها قد تكون معرضة لفرض عقوبات عليها في حال إبرامها اتفاقا لشراء مقاتلات سوخوي 35 الروسية، بل وتمادت الولايات المتحدة في تحذيرها أو بالاحرى تهديدها للقاهرة، وحذرت قائد القوات الجوية المصرية الفريق محمد عباس شخصيا من عواقب تلك الصفقة.

بالتزامن مع تهديد واشنطن بفرض عقوبات على مصر في حال شراء القاهرة مقاتلات سوخوي 35 من موسكو، طالبت واشنطن من المشير خليفة حفتر وقف حرب تحرير طرابلس، وليبيا هي الملف الوحيد المشترك بين القاهرة وواشنطن، أي أن مصر هي المقصودة بالاساس فى قرار واشنطن ضد المشير حفتر، خصوصا أن القاهرة هي الحليف الاقوى للقوات المسلحة العربية الليبية.

لا ننكر أن أحد الاسباب الرئيسية للتبجح الاميركي ضد مصر هو رغبة واشنطن فى الحفاظ على التفوق العسكري بالمنطقة لصالح اسرائيل فقط، لكن الأمر يتخطى ذلك، وهو أن  الميزان تغير منذ سنوات، حتى وان ظل التفوق في سلاح الجو لاسرائيل، فهناك دفاعات جوية لدى مصر قد تجعل مقاتلات اسرائيل او بالادق اميركا كلعب الاطفال.

نعم تكرر ذلك المشهد من قبل أكثر من مرة، وكان أبرزها عندما حضر جيميس ماتيس وزير الدفاع الاميركي الاسبق للقاهرة فور اتفاق القاهرة مع موسكو على تبادل إستخدام القواعد والمطارات العسكرية، ولكن في تلك المرة ربما كان هناك شئ غير الحفاظ على التفوق العسكري الاسرائيلي فى الشرق،  فقد يكون دعم مصر الجديد (أقول الجديد) للجيش العربي السوري بمقاتلات ميج، في ظل سعي الجيش العربي السوري خلال الاسابيع القليلة المقبلة إلى تحرير العديد من البلدات الواقعة تحت سطوة الارهاب، والاهم عزمها تلقين المحتل التركي درسا قاسيا، سببا اساسيا في قرارات واشنطن العدوانية تجاه مصر وشقيقتها ليبيا، ولذلك صار الاميركي الان كالانجليزي تجاه ليبيا حريصا على أن يظل المشهد في ليبيا بين فريقين متخاصمين، وأن لا تزيد مساحة ليبيا المحررة من الارهاب عن ذلك.

فالتحول المصري نحو الرافال الفرنسية والان السوخوي الروسية سيجعل من مقاتلات أف16 الامريكية فى سوق الشرق الاوسط كله ولا أبالغ لو قلت السوق العالمي كمجرد خردة بجانب تلك المقاتلات الحديثة الذكية، ولذلك كان يمنحنا الفرنسيون تسهيلات دون غيرنا لإقتناء الرافال لمعرفتهم بكيفية تحول أسواق دول المنطقة في حال توجه مصر للتعاقد على سلاح بعينه.

على العموم لعل المتغرطس يفهم ان حركة الجهاد الإسلامي التي جعلت سكان جنوب فلسطين المحتلة كالجرزان في المخابئ والملاجئ لم تتوقف عن الانتقام لاستشهاد القيادي بحركتها بهاء ابو العطا لولا تدخل مصر مع أشقائها في غزة.

أخيراً وليس آخراً التبجح الأميركي ضد مصر غريب جدا، فمصر ليست عضوة في حلف الناتو كحال تركيا التى تهددها الولايات المتحدة ايضا بعقوبات بسبب إقتناء منظومة دفاع اس400 الروسية، وهنا الامر يعكس لنا مدى القلق الأميركي من حصول مصر على مقاتلة تضاهي اف35 الأميركية، وأن من يتخذ مثل تلك القرارات شخص بلطجي لا علاقة له بالسياسة، ولا يعرف الا لغة القوة ولا ينجح معه الا العناد بعد المهادنة.

فكما جاءت مناورات "سهم الصداقة-2019" الشهر الماضي بين قوات الدفاع الجوية المصرية ونظيرتها الروسية فى مصر على مواجهة الاهداف من المقاتلات الأميركية الحديثة، كذلك عملت اسرائيل خلال التدريبات الدولية المعروفة باسم "ديغل كاهول" (العلم الأزرق) الشهر الجاري، التي تجري في قاعدة أوفجا الجوية بدولة الاحتلال على تدريب طياريها بمقاتلات اف35 الامريكية لمواجهة انظمة دفاعات جوية متطورة وبالاخص منظومة اس400 الروسية.

نعم صراع التسلح بين مصر واسرائيل وتركيا وصل إلى ذروته، والتنافس الروسي -الأميركي على الفوز بأسواق السلاح فى الشرق الاوسط لم يكن كذلك منذ حرب اكتوبر المجيدة 1973م.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل