"أس 400" بعد إدلب... هل يخذل أردوغان الروس؟ ـ ليلى نقولا

الإثنين 27 أيار , 2019 10:53 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بالرغم من التفاؤل الذي ساد سابقًا بقرب الانتهاء من البؤر الارهابية في سوريا، وتأثير ذلك على لبنان والمنطقة، نجد أن الأمور تراوح مكانها وذلك لأن المستثمرين في الارهاب من الدول الخارجية لم يستسلموا بعد، والصراع الدولي ما زال في أوجّه.

وكانت التقارير الاعلامية قد أشارت الى إن تركيا أمدّت مجموعة من مقاتلي المعارضة بأسلحة جديدة لمساعدتهم في صد الهجوم الذي يشنّه الجيش السوري وحلفاؤه، وبنفس الوقت أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستقوم بانتاج صوايخ "أس- 500" مع الروس، ردًا على التهديدات الأميركية لتركيا حول شرائها منظومة "أس 400" الصاروخية الدفاعية من روسيا، والتي من المقرر استلامها في تموز المقبل.

فعليًا، كل ما يفعله أردوغان هو لكسب المزيد من طرفي النزاع الدوليين في المنطقة، فلا الروس سيشاركونه أسرارًا عسكرية صناعية بحجم "انتاج أس 500"، ولا الأميركيين سيسكتون على استمرار تحديه لهم وهم يدركون أنه لن يستطيع تحدّي الولايات المتحدة الأميركية طويلاً، فالاقتصاد التركي يعاني الأمرّين ولا يحتاج أدروغان الى مزيد من المشاكل الاقتصادية، خصوصاً أنه على أبواب إعادة إنتخابات اسطنبول في حزيران المقبل التي تعني الكثير لأردوغان نفسه ولحزب العدالة والتنمية.

وعليه، ما الذي يحاول أردوغان أن يفعله فعليًا؟

بداية، لا بد لنا من التأكيد أن أردوغان رجل براغماتي جدًا، وهو يقيس كل تصرفاته بحساب الربح والخسارة. وصفقة أس 400 ليست أمرًا أيديولوجيا عقائديًا، فإذا وجد أن الأميركيين سيعطونه ما يريد في سوريا، أو أنهم مصممون الى النهاية وسيعاقبونه، سيتراجع عنها. سابقًا، وبضغوط أقل من هذه بكثير، ألغت تركيا صفقة مشابهة مع الصين.

إذًا، كل ما يفعله هو للمساومة بين الطرفين، لإنتزاع أكبر قدر من المكاسب، لصالح بقائه في السلطة.

لا شكّ، أن تراجع أردوغان اليوم عن الصفقة، سوف يؤدي الى كسر الهيبة التركية، ويخسره التفاهمات الاستراتيجية مع الروس التي أمّنت له الكثير من النفوذ والمصالح في سوريا، بالاضافة الى خسارة كبيرة في سوق السلاح الذي دخلته تركيا في السنوات الأخيرة كمصدّر وليس فقط كمستورد. لذلك، لن يعلن أردوغان العودة أو التخلي عن الصفقة بل يمكن له أن يؤجل تسلّمها، وذلك لكسب المزيد من الوقت وكسب المزيد من المنافع والمكتسبات في المنطقة.

سيحاول أردوغان أن يجد حلاً مرضيًا للتأجيل (أمور لوجستية، دراسات فنية...)، فهو يحتاج الى الروس لتكريس زعامته كشريك في أي حلٍ سياسي في سوريا، خصوصاً في ظل إدراك الجميع أن الأميركيين سيرحلون في نهاية المطاف. كما يريد من خلال إصراره على الصفقة وتحدّي الاميركيين، دفعهم للضغط على الأكراد، وتأمين مصالحه في الشمال السوري خصوصاً لجهة الانسحاب من بعض المناطق من دون قتال، وتسلّم المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا لتلك المناطق.

في النهاية، لا يجب أن ننسى إشارات أردوغان الدائمة الى معاهدة لوزان 1923، ما يعني أن ركون الروس الى تفاهمات مع إردوغان كما حصل في موضوع إدلب، هو ضرب من الخيال. لن ينفذ اردوغان أيًا من التزاماته، وسيبقى يماطل ويكسب الوقت ليحقق المزيد من المكاسب من جميع الاطراف والاستفادة من الصراع الأميركي ـ الايراني، وتسابق النفوذ الأميركي الروسي، لتكريس زعامته وكسب المزيد من الجغرافيا السوري وضمّها الى تركيا بفعل الامر الواقع.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل