شكراً أرزة بعبدا ..  شكراً "سيدر" رغم شروطها المهمة ـ أمين أبو راشد

الأربعاء 10 نيسان , 2019 09:55 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
لا كانت "شكراً قطر" هي الأولى، ولن تكون "شكراً سيدر" هي الأخيرة ولكن، إذا كان لبنان في عهد الرئيس ميشال عون قد تجاوز الإعاقة السياسية للعهود السابقة، ونَفَض عنه غُبار تسوية الدوحة، فإن تراكمات الديون التي سبقت "سيدر" وقبله باريس 1 و 2 و 3، تجعلنا نقول "شكراً سيدر" ليس لأنه واحد من مسلسل القروض، بل لأنه "البُعبع" الذي ألزم الجميع بوجوب البدء بالإصلاحات  ضمن المُهلة التي أعطاها بيار دوكان، المُكلّف من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متابعة تنفيذ شروط مؤتمر"سيدر".

المهلة أعطاها "دوكان" في شباط الماضي ليتمّ بدء الإلتزام بها في نيسان، سيما وأنه غادر لبنان بانطباعٍ  سيء عن الجهوزية غير الكافية للبنان في مجال الإصلاحات وفي طليعتها الكهرباء، فأجلسهم فخامة الرئيس عون بتاريخ الثامن من نيسان الى جلسة حكومية وقال: لن أرفع الجلسة قبل إقرار خطَّة الكهرباء، و"لعنة اللبنانيين ستطال أي معرقل"، فوافقوا على خطة الوزيرة البستاني، وهي نفسها خطة الوزير باسيل منذ تسع سنوات، وسارع المُعرقلون منهم، وهُم معروفون، الى "نفخ الصدور" أنهم ساهموا في الخطة، لكن الحقيقة، حقيقتهم المُشينة، بات يعرفها الشعب اللبناني، والفضل كل الفضل هو لأرزة بعبدا، سواء في الحملة غير المسبوقة على الفساد التي يقودها، أو هِمَّتِة العالية في تحقيق الإصلاحات.  

بكل وقاحتهم جماعة ما كانت تُسمَّى 14 آذار، اعترفوا أخيراً أنهم عرقلوا الكهرباء بدواعي الكيدية السياسية، وهذه الكيدية واكبتها محاولات قطف الصفقات، وهي لا تعود لتسعِ سنواتٍ خَلَت، بل هي من زمن حكومات المرحوم رفيق الحريري، الذي عَزَل الوزير المرحوم جورج افرام و"عتَّم" لبنان لأن خطَّة افرام كانت نظيفة من السرقة والعمولات، وأستُكمل نفس النهج في الصفقات وهدر المال العام من قِبَل كل الحكومات الحريرية، الى أن أُدرِجَ لبنان ضمن الدول الأولى عالمياً في الفساد وانعدام الشفافية، لدرجة أن "سيدر" لم يعُد فقط وسيلة استدانة، بل بات بشروطه القاسية مجلبة للمَهانة، نتيجة عدم الثقة التي راكمها الفريق الذي كان يُدير الدولة وارتكب ما لم يرتكبه علي بابا.

من النفايات سرقوا، من عرقلة خطَّة الكهرباء لصالح مافيا المولِّدات سرقوا، من عرقلة السدود حاولوا أن يسرقوا عندما اجترح أحد رؤساء اللجان النيابية التابع لهم حلّاً، بشراء الماء من تركيا عبر البواخر، واعترضوا على كهرباء البواخر!

من كل القطاعات الخدماتية سرقوا، وسرقوا الهِبات، وما أدراكم بالهِبات التي لم تكن تمُرّ عبر القنوات الحكومية وتُصرَف من خارج الموازنة والميزانية

سرقوا منذ انقضَّت سوليدير على الأملاك الخاصة والأوقاف، و"استملكوا" الأملاك البحرية، وسرقوا من المُناقصات بالتراضي، وسرقوا صحَّة الناس عبر مافيات الأدوية والكادرات الطبيَّة الوهمية التي تتقاضى رواتب من المستشفيات الحكومية دون تواجدٍ أصلاً للقيام بالواجب الوظيفي واستقبال مرضى الطبقات الفقيرة المحتاجة، لكن أقبح مثالٍ على مستوى مُتاجرتهم بالأرواح، أن أحد وزراء البيئة في إحدى الحكومات الحريرية، تقاضى مليون دولار من الشركة المُتعهِّدة لمطمر الناعمة، كي يصمُت على الغازات السامة التي كانت تحمل الأمراض القاتلة لسكان بعض القٌرى الشوفية القريبة من المطمر!

شهادات مزوَّرة للبيع، قُضاة فاسدون، ضُبَّاط مُرتشون، مُحامون بصِفة "حرامي قانوني"، موظفون بالآلاف يتقاضون رواتباً ولا يُداومون، وتَرَف في مخصصات القطاع العام غير المُنتِج، الى أن أتت شروط "سيدر" المُهِينة لسيادة الدولة من خلال اشتراط الإشراف المُباشر على الصرف ومراقبة التنفيذ، نتيجة عدم الثقة بالتجارب الحكومية السابقة التي جاءت من باريس 1 و 2 و 3 ما مجموعه 7.5 مليار دولار أي ما نسبته 60% من المبلغ المتوقَّع من "سيدر"، ولم تُنفِّذ أية إصلاحات لا على مستوى البٌنى التحتية، ولا على النمو الإقتصادي للتخفيف على الأقل من هدر خدمة الدين العام.

11 مليار نتوقَّعها من "سيدر" شرط تنفيذ إصلاحات في الدولة المهترِئة التي وَرِثها الرئيس عون لتطهيرها من الفساد، والتحقيقات جارية في 11 مليار فؤاد السنيورة وسواها من المال العام المنهوب، ولا يَسَعُنا ونحن أمام خيار الإقتراض لتأهيل البُنى التحتية وتفعيل القطاعات الإنتاجية سوى القول: شكراً "سيدر" وشكراً أرزة بعبدا... 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل