كلام في قرار ترامب الاعتراف بسيادة الكيان على الجولان ـ رامز مصطفى

الخميس 28 آذار , 2019 10:03 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

منذ دخول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة، وهو يعمل على توفير كل الدعم اللامحدود لحكومة العدو الصهيوني ورئيسها بنيامين نتنياهو، مدشناً هذا الدعم اعترافه بالقدس الموحدة عاصمة للكيان الغاصب. واليوم يتابع ترامب سياسته الداعمة من دون هوادة لصديقه وحليفه نتنياهو، فيصدر قراره الاعتراف بسيادة الكيان على الجولان العربي السوري المحتل. هذا الاعتراف الذي يعد الدفعة الأقوى المؤيدة لنتنياهو في سياق المعركة الانتخابية التي يخوضها للحصول على الأكثرية في "الكنيست" القادم، ومن ثم رئاسة الحكومة في الكيان. وبالتالي وليس بعيداً عما يسعى إليه ترامب وإدارته وفريقه في مواجهة خصومه داخل أسوار الولايات المتحدة، ومن ثم التحضير لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وتطلعهم الفوز بولاية رئاسية ثانية بالاستناد إلى الصوت اليهودي الوازن، بمساعدة مكشوفة من اللوبي الصهيوني. 

من بين ردود الأفعال على قرار الرئيس الأمريكي، يجب قراءة الموقف الروسي الذي جاء الأكثر وضوحاً في التحذير من العواقب السلبية لهذا القرار وما سيتركه من مخاطر على التسوية في المنطقة عموماً، والتسوية السياسية في سورية خصوصاً.  لأن هناك تفاهمات قد تم التوصل إليها في قمة "هلسنكي" العام الماضي 2018، بين الرئيسين بوتين وترامب بشأن سورية عموماً، وجنوبها على وجه الخصوص. وهو ما اعتبرته موسكو في القرار الأمريكي تنصلاً من تلك التفاهمات. وعليه كيف ستتحرك موسكو مستقبلاً لمنع أية تطورات قد تقود إلى مواجهة عسكرية مفتوحة فرضها القرار على سورية وحلفائها في محور المقاومة ؟. وبالتالي كيف ستكون عليه العلاقات المستقبلية بين بوتين ونتنياهو ؟، الذي ومن الواضح أن الأخير لا يقيم وزناً لأية علاقة مع الرئيس بوتين، الذي لطالما اعتبر تلك العلاقة أن من شأنها أن تخدم ما يسمى بـ"عمية السلام في منطقة الشرق الأوسط ".

إعلان ترامب الاعتراف بسيادة الكيان على الجولان لن يغيير من حقائق التاريخ والوضع القانوني على أن الجولان المحتل هو أرض عربية سورية محتلة منذ العام 1967، وبالتالي لن يثني أولاً أهلنا هناك في التخلي عن هويتهم العربية السورية، وهم الذين يتمسكون وبقوة بتلك الهوية منذ أن أعلن الكيان ضم الجولان في العام 1981. وثانياً لن يدفع الدولة السورية بشعبها جيشها وقيادتها إلى القبول بالأمر الواقع، وهم سيعملون وبكل الوسائل على استعادة الجولان سلماً أو حرباً، وإلى جانبهم بالتأكيد شرفاء الأمة في قوى المقاومة.

وبالتالي، فإن التصريحات والمواقف السورية الرسمية القوية تأتي في سياق التأكيد على ما ستنتهجه سورية في التعامل بجدية للتصدي للقرار ومراميه وأهدافه، الذي يأتي في طليعته شرعنة الاحتلال للجولان، بالرهان على أن الأنظمة الرجعية العربية، بل والنظام العربي برمته في ظل تصدعه وتهميشه، لن يحرك ساكناً في مواجهة القرار الأمريكي، وذات الحال قد سبقتها في الردود الباهتة والبائسة عندما اعترف ترامب بالقدس عاصمة للكيان ونقل سفارة بلاده إليها، حيث كان مطمئناً أن القيامة لن تقوم، ولن تشهد العواصم العربية التظاهرات الغاضبة المهددة بالمقاطعة، أو سحب المبادرة العربية للسلام، ومن ثم إحراق الأعلام الأميركية. هذا المشهد يذكرنا بمشهد إحراق المسجد الأقصى، وما قالته "غولدا مائير" يومها "ﻟﻢ ﺃﻧﻢ ﻟﻴﻠﺘﻬﺎ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺨﻴﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺳﻴﺪﺧﻠﻮﻥ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺃﻓﻮﺍﺟﺎً ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮﺏ، ﻟﻜن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﻊﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﺷﻲﺀ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﺑﺈﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻧﺸﺎﺀ، ﻓﻬﺬﻩ ﺃﻣﺔ ﻧﺎﺋﻤﺔ".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل