مطرقة الاستدانة وسندان الضغوط الخارجية ـ عدنان الساحلي

الجمعة 22 آذار , 2019 08:17 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

هل سيقلب الرئيس ميشال عون بمواقفه الأخيرة، الطاولة على الذين أوقعوا لبنان تحت ما يزيد على مائة مليار دولار ديوناً؟ وهل سيفشل أهداف الذين يريدون اللعب بورقة النازحين السوريين، إستمراراً لحربهم ضد سورية عبر لبنان؟ فلبنان حالياً يلعب دور الساذج الذي يستدين ليحل مشكلة الدائن، فيتحمل عبء إيفاء الدين مع  الفوائد.

لبنان بفضل مسؤوليه، كالمتآمر على ذاته، في قبوله توصيات ومقررات مؤتمر "سيدر" الخاص بلبنان ومؤتمر بروكسيل-3، الخاص بالنازحين السوريين. الأول قرر "توريط" لبنان بدين جديد قيمته أحد عشر مليار دولار، تضاف إلى مائة مليار دولار ديوناً وفوائد تراكمت منذ أن وطئت الحريرية السياسية أرض السرايا الحكومية. والثاني "يورط" لبنان بربط عودة النازحين السوريين إلى بلدهم بإنجاز الحل السياسي فيه، بما يعني توطينهم لاستعمالهم في ابتزاز الدولة السورية والضغط عليها في المراحل السياسية والأمنية المقبلة. وكذلك، بتشغيلهم في لبنان بقروض أوروبية سيسددها اللبنانيون مع الفوائد، لأن الغرب يخشى نزوحهم إلى دياره.

هددت الجهات الدولية المانحة لبنان بخفض تصنيفه الإئتماني ونفذت تهديدها، لتفرض عليه إملاءاتها السياسية والإقتصادية، ضمن سياسة ما تسميه "تعميم ثقافة الإقراض لتنفيذ المشاريع الاقتصادية، في الدول التي تحتاج إلى المساعدة". هذه الثقافة فرضت على لبنان لإفقاره ونهب خيراته وتجويع شعبه. ولإلزامه بالخضوع للمشاريع الأميركية-الصهيونية التي يسير في ركابها عرب التبعية المتصهينين. وهي ما تزال تلاقي قبولاً من الحكومات اللبنانية، على الرغم مما حل بلبنان بنتيجتها وأوصله إلى حدود الإفلاس المالي.

في برنامجها لصرف الأحد عشر مليار دولار، لم تلحظ الحكومة غير المشاريع التي لا مردود مادياً لها، خصوصاً على مستوى البنية التحتية، التي نهبت بحجتها خزينة الدولة خلال السنوات السابقة، مرة لإنشائها ومرات لتأهيلها. فنحن ما نزال ندور ضمن خدمة النظام الريعي المصرفي وتسهيل إستنزافه لمال وتعب اللبنانيين.

والحكومة تريد "تأمين إستقرار إقتصادي ومالي عبر إجراءات ضريبية". وهذا تأكيد على إستمرارها في سياسة تجويع اللبنانيين وتهجيرهم من وطنهم، عبر فرض الضرائب المحجفة بحق الفقراء ومحدودي الدخل. والأهم، أن التشاركية التي تشترطها الدول المانحة من ضمن الإصلاحات في لبنان، ثبت فشلها في فرنسا ويتم التراجع عنها في مختلف القطاعات، في حين أنها مطلوبة في لبنان، لأن أصحاب القرار الحكومي يريدون الإستيلاء على ما تبقى من مرافق الدولة اللبنانية، خصوصاً في قطاعي الكهرباء والإتصالات.

وفي حين تتعالى أصوات اللبنانيين مطالبة بمحاسبة الفاسدين واسترداد أموال الخزينة المسروقة، يصبح الإصرار على الإستدانة هو الوجه الداخلي المتواطىء مع الضغوط الخارجية لفرض الإملاءات على لبنان. هذا التواطؤ الذي يتجاهل عجز لبنان عن الايفاء باستحقاق 17 مليار دولار هذا العام، ما بين ديون وفوائد. في وقت دفع فيه لبنان، كمثال، 163 مليون دولار حتى اليوم بدل إيجار مبنى "الآسكوا" كتنفيعة لشركة "سوليدير".

لم يعد السكوت مقبولاً على سياسة الإستدانة التي باعت حاضر اللبنانيين ورهنت مستقبل أجيالهم. فهي الوجه الآخر لما يحمله الموفدون الأميركيون وآخرهم وزير الخارجية بومبيو، الذي يحمل معه أجندة "إسرائيلية" تهجس بالخلاص من المقاومة وسلاحها. فهل يوضع حد لهذه السياسة؟

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل