عون الى موسكو .. الوِجهَة الصَّح وبالتوقيت الصَّحيح ـ أمين أبو راشد

الأربعاء 06 آذار , 2019 09:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

زار السفير الروسي ألكسندر زاسبكين قصر بعبدا، ضمن إطار التحضيرات لزيارة الرئيس ميشال عون الى روسيا في نهاية الشهر الجاري، بناء لدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وسَبَق أن حصل لقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل والسفير زاسبكين، ورشَح عنه ما يؤشِّر أن الموضوع الرئيسي، أو البند الرئيس للزيارة، هو تأمين عودة النازحين السوريين الى بلادهم، لِمَا لروسيا من تأثير سياسي وعملاني ولوجستي في هذا الإطار، سيما وأن العهد قرر إعادتهم بِمُعزل عن السجالات الداخلية المرتبطة بالعلاقة مع سوريا، وبعيداً عن المُفردات الببغائية التي يُردِّدها بعض الفرقاء السياسيين، بين العودة الطوعية والآمنة، وبين ربط إعادتهم بالحلّ السياسي في سوريا.

أولاً، الرئيس عون كان المُبادِر الى تجاوز سِجال الداخل والخارج معاً في حسم الجدلية حول النازحين، وعيَّن اللواء عباس ابراهيم بتاريخ 07/07/2017، موفداً رئاسياً الى سوريا لحلّ هذه المسألة، قاطعاً الطريق أمام تسويف البعض ومُتاجرتهم بهذا الملف والإنتفاع منه على المستويات السياسية والمادية، لدرجة استغلالهم في التخطيط لإحداث خلل ديموغرافي، ثم جاءت المبادرة الروسية بعد نحو سنة من تعيين اللواء ابراهيم، فرحَّب بها الرئيس سعد الحريري وأعلن اللواء ابراهيم العمل بموجبها نظراً للتسهيلات الميدانية القادرة روسيا أكثر من سواها على تأمينها.  

ثانياً، مع رحيل مُعِين المرعبي عن وزارة الدولة لشؤون النازحين، وتسلُّم صالح الغريب هذه الوزارة، انتهى زمن الإستغلال المشبوه للنازحين، وبدا معظم الفرقاء السياسيين جاهزين للتعاون الجدِّي مع الموضوع، خصوصاً "الإشتراكي" و"المستقبل" ولم تعُد هناك قيمة تُذكر للتعنٌّت "القواتي"، لأن "القوات" تحاول الإنتقام لتمثيلها الهزيل في الحكومة واستخدام ملف النازحين للكيدية التي بلغت حدّ التطاول على العهد، ليس حُبَّاً بالنازحين بل حقداً على العهد.

ثالثاً، التغيُّرات الإقليمية في مواقف بعض الخصوم / الأعداء لدمشق ومحور المقاومة، كإعادة فتح السفارات والتمثيل الديبلوماسي ولو على مستوى قنصل كما هو حاصل في العودة السعودية الى دمشق، تعكس الإنهيار الكامل للمحور المُعادي للمقاومة سواء الأميركي أو الإسرائيلي بعد قرار ترامب الإنسحاب من سوريا، مما سهَّل الحركة الإيرانية في المساهمة بإعادة النازحين، وهو الملف الأهمّ الذي بحثه لبنان مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأخيرة لبيروت، ما انعكس أيضاً على اللعبة السياسية في الداخل اللبناني، وأخرج الدور الإيراني من شُبهَة الظنون السيئة لجهة المساعدات الإيرانية التي يرفضها   البعض في لبنان، سواء موضوع تسليح الجيش أو تلزيمات الكهرباء.

رابعاً، مهما أظهرت ايران حُسن نواياها في لبنان، تبقى نوايا البعض تجاهها غير ودِّية، خصوصاً من أولئك الذين هُزِموا إقليمياً وتحديداً في سوريا، وهنا يأتي الدور الروسي كغطاء دولي لا يستطيع أحدٌ إنكاره أو رفضه، ووسيط داخلي أيضاً بفضل الأداء الراقي للسفير زاسبكين، وعلاقته الودِّية مع كافة الفرقاء السياسيين، مما عزَّز دوره في الربط بين مصلحة لبنان بإنهاء أزمة النزوح، والتمهيد لبلاده في تأمين النجاح لمبادرتها في سوريا.

خامساً وأخيراً وليس آخراً، كل زيارة رئيس دولة لدولةٍ أخرى تحمل عنوان بحث العلاقات الثنائية، لكن العلاقات اللبنانية – الروسية أكثر من ممتازة، وإذا كانت للبنان أولوياته الإقتصادية، فهو ليس بحاجة لتوقيع إتفاقيات بهذا الإطار مع روسيا، بقدر ما أنه بحاجة لتخفيف العبء الإقتصادي والإجتماعي عن كاهله، عبر التسريع في إعادة النازحين بموجب المُبادرة الروسية، وتلبية الرئيس عون للدعوة الرئاسية الروسية تدخل ضمن هذا السياق، وموسكو في هذه الظروف هي الوجهة الصَّحّ وبالتوقيت الصَّحيح...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل