​شمال أفريقيا العربي .. الإرهاب والانتخاب ـ يونس عودة

الثلاثاء 26 شباط , 2019 09:36 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

على وقع الازمات المتعددة التي تشهدها الدول العربية في شمال افريقيا، تستعد كل دولة بمفردها لانتخابات رئاسية او تشريعية، لا يبدو في اي منها ان حلولا في طريقها لحل تلك الازمات المتراكمة، وساهمت الحركات المتطرفة التي سميت بالربيع العربي في تعميق تلك الازمات، واضافت اليها من معين التدخلات الخارجية فائضا كريها، رغم التنازلات التي قدمتها السلطات المتسلقة بقوة التخريب.

بلا شك ان لكل بلد من بلدان شمال افريقيا خصوصية ومشاكل قد لا تشبه في مضمونها مشاكل البلاد المتاخمة، لكن الجامع الوحيد من المشاكل يتمثل بالارهاب، المعروف المصدر والتحرك والتمويل، ولم تنجح كل الاجتماعات المشتركة على المستوى الرسمي في التوصل الى خطة مشتركة في كيفية المواجهة لاخطر آفة – الارهاب، وفق تشخيص الجميع الموحد لها، والارجح ان السبب هو الصراع المبطن على النفوذ "الفئوي - السيادي" الشوفيني .

تونس التي تجهد لاستعادة عافيتها السياسية بعد ان تأثرت علاقاتها الدولية ولاسيما الاوروبية بسبب العديد من الهجمات الارهابية ولا سيما في المناطق المتاخمة للجزائر وكذلك في القيروان اثبتت قدرة في التعامل مع الافة الخطيرة بحيث تلاحق الخلايا النائمة، وقد فتحت معركة الانتخابات الرئاسية والتشريعية على مصاريعها، وهناك مرشحون عدة للرئاسة ابرزهم يوسف الشاهد رئيس الحكومة الحالي الخارج من عباءة حزب "نداء تونس" بتشكيله حزبا خاصا به هو "تحيا تونس" وهو حزب علماني حداثي تمكن من استقطاب كادرات من حزب نداء تونس، وفعاليات ورجال اعمال ونخب تونسية، ويأمل ان تتيح له الانتخابات التشريعية الفوز بكتلة وازنة تتحالف مع كتل اخرى في البرلمان لضمان مقعد الرئاسة، كما ان هناك مرشحاً من الحزب الدستوري الخارج من رحم التجمع الدستوري الذي كان منتميا اليه الرئيس السابق زين العابدين بن علي وهي المحامية عبير موسي، وكذلك مرشح حزب المؤتمر الرئيس السابق المنصف المرزوقي والمدعوم من قطر وايضا مرشح لحزب المبادرة الدستورية وهو حزب تشكل حديثا وايضا من بقايا التجمع الدستوري وهوكمال مرجان، الذي شغل منصب وزير الخارجية ابان حكم بن علي، كما ان هناك مرشحين اخرين بحكم العادة، لكنهم ليسوا منافسين، بانتظار من سيرشح حزب نداء تونس، وهنا ترجح مصادر تونسية ان يقدم الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي ترشيحه لولاية جديدة. لكن الامر الرئاسي في تونس ينتظر ايضا مسار حركة النهضة واين ستحط رحالها، وهي التي تسعى الى المساومة مقابل دعم اي مرشح للرئاسة بضمان ان تعقد لها رئاسة الحكومة، وهي تملك كتلة وازنة اشبه ببيضة القبان.

اما الجزائر التي شهدت تظاهرات مع فتح المعركة الرئاسية، وهي التي لم تتاثر بما سمي "الربيع العربي" وسجلت نجاحات يعتد بها في مكافحة الارهاب، ولم تتهاون مع الغرب في مسألة السيادة الوطنية، ولا مع دول التحريض الخليجي، فثمة خوف على البلاد بعد ترشيحات بصورة التحدي وخصوصا من جنرالات سابقين، خصوصاً مع تصاعد التظاهرات ضد ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة فيما السلطات لا تتهاون، واعتقلت العديد من الناشطين المناؤين لترشيح بوتفليقة، دون ان تعير قيمة لفعالية التظاهرات، وشدد بوتفليقة برسالة موجهة الى الشعب تلاها بدلا منه وزير الداخلية على "قوة فضائل الاستمرارية" في الحكم مبديا تخوفه من "عدم الاستقرار، وآفات الارهاب والجريمة العابرة للحدود في جوارنا المباشر"، الامر الذي يبقي مصير البلاد حتى يوم الانسحاب من الانتخاب ضبابيا الى حد بعيد.

اما الاخطر فيبقى هو الوضع الليبي المتداخل الصراعات، رغم العديد من الاتفاقات التي كان يفترض ان تكون الناظم للعلاقات الصراعية، والممهدة لاجراء انتخابات لوضع البلاد على سكة الحل، خصوصاً بين المجلس الحاكم في طرابلس الذي يرعاه الغرب، وبين الجيش الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر.

ومن الواضح ان الصراعات الغربية - الغربية ولاسيما بين فرنسا وايطاليا على النفوذ  عن طريق السيطرة على النفط الليبي والثروات الاخرى عامل مضاف الى استمرار الصراع تحت المظلة الاميركية، اذ تسعى واشنطن كما فعلت في اماكن اخرى إلى وضع اليد على كل شيئ وترك فتات للاوروبيين للتصارع، وهذا الامر ينعكس على وضع الميدان بحيث يعمل حفتر على طرد الارهابيين والمرتزقة الاجانب الذين جاء بهم الحلف الاطلسي بموازاة تدمير ليبيا دولة ومجتمعا من الجنوب الليبي ما اثار مخاوف الغربيين من ان يكون تطهير الجنوب مقدمة للهجوم على طرابلس لاخضاع السلطات فيها - وهي متناحرة اصلا - ما يطيح بفكرة اجراء انتخابات عامة تسعى اليها الامم المتحدة. وهذا يريح حفتر حتى السيطرة على مصادر الدخل الليبية من حقول نفط وغاز، وهو يلقى دعم روسيا ومصر بشكل اساسي فضلا عن دول عربية اخرى فيما تناهضه قطر وتركيا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل