الثبات ـ لبنان
أطلق المفتي الجعفري الممتاز الشيخ "أحمد قبلان"، اليوم، في خطبة الجمعة، سلسلة مواقف نارية، عكست قلقا عميقا من تدهور الوضع السياسي والاجتماعي في لبنان، محذرا من انهيار شامل للدولة وانحراف خطير في أداء السلطة.
وأكد "قبلان" أن البلد واقع فعلياً تحت سيطرة "تحالف المال والنفوذ"، حيث تُستخدم مؤسسات الدولة كأدوات لمصالح ضيقة، بعيداً عن هموم الناس وحقوقهم.
واعتبر أن ما تشهده البلاد هو نتيجة مباشرة لتحلل السلطة وفقدانها لأي قرار سيادي، مشيرا إلى أن بعض القوى السياسية لا تزال تتعامل مع السلطة كغنيمة، لا كمسؤولية وطنية.
ووجّه المفتي انتقادات لاذعة لما وصفه بـ"عصابات الحكم"، محمّلا إياها مسؤولية الانهيار الاقتصادي، وتفاقم الفوضى، وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة، التي تحوّلت – بحسب تعبيره – إلى "مغارة علي بابا".
وشدّد على أن الله تعالى لا يقرّ بسلطة لا تحفظ الحقوق ولا تصون السيادة، مشيرا إلى أن الدفاع عن السلطة العادلة فريضة دينية، وخيانتها خيانة لله والناس.
وفي سياق خطبته، أبدى المفتي قبلان أسفه من أن قلة قليلة فقط من السياسيين تبدي اهتماما فعلياً بمصير لبنان، محذرا من خطط دولية وإقليمية تهدف إلى بيع الأوطان وتفكيكها، عبر أدوات محلية مأجورة.
وقال "نحن نعيش لحظة تاريخية حرجة، حيث يتم العبث بخيارات لبنان التأسيسية، والمساس بعقيدته الوطنية، تحت أعين سلطة لا تملك القرار، ولا تستشعر خطورة العدوان الإسرائيلي المستمر".
وأضاف "ما يحصل اليوم من تخلي رسمي عن المسؤولية الوطنية، هو خيانة موصوفة لتاريخ لبنان ودماء أبنائه، وتواطؤ مفضوح مع مشاريع خطيرة تُدار من غرف دولية وإقليمية، بتمويل سخي، وبأيدٍ من أبناء جلدتنا".
كما دعا المفتي قبلان إلى مواجهة سياسية شاملة مع هذا الواقع، عبر تحرك شعبي واسع، يبدأ من فئات المجتمع المظلومة، من موظفين، ومتقاعدين، وأصحاب ودائع، وطبقات مسحوقة، لم يعد لديها ما تخسره.
وناشد هذه الفئات أن "ترفع صوتها عاليا بوجه طبقة سياسية تخلّت عن أبسط مقومات الدولة، لا تهتم بالتعليم ولا بالصحة، ولا بالأمن، ولا بالعدالة الاجتماعية".
أما في ما يتعلق بقانون الانتخابات، فجدّد قبلان الدعوة إلى اعتماد نظام انتخابي نسبي، يقوم على اعتبار لبنان دائرة واحدة، كمدخل لإنتاج سلطة سياسية تمثّل اللبنانيين لا الطوائف أو الزعامات معتبرا أن الفساد، والفقر، والبطالة، وحتى الهجرة، أسبابها سياسية بامتياز، محمّلا الطبقة الحاكمة مسؤولية تعميق الانقسام والتفكك الوطني.
وختم الشيخ قبلان بدعوة واضحة إلى التمسك بالشراكة الإسلامية المسيحية كركيزة وطنية لا يمكن التفريط بها، مشدداً على أن "لا حزب، ولا طائفة، ولا تيار، ولا زعيم، أكبر من لبنان وسيادته".