أكبر موجة نزوح منذ 2011 .. مأساة الدروز في السويداء تستمر بلا محاسبة

الأربعاء 16 تموز , 2025 08:14 توقيت بيروت عــربـي

الثبات ـ عربي

تشهد محافظة السويداء السورية، وتحديدا مدينة السويداء وريفها الغربي، واحدة من أعنف وأكبر موجات النزوح منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011، بعد تصعيد عسكري مفاجئ نفذته قوات تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية السورية، تحت ذريعة "فض نزاع" بين فصائل محلية درزية ومجموعات عشائرية.

الهجوم الذي تخللته عمليات قصف صاروخي واستخدام لطائرات مسيّرة وقذائف هاون، دفع بغالبية سكان المدينة وريفها الغربي إلى الفرار نحو قرى وبلدات الريف الجنوبي، لا سيما صلخد ومحيطها، وسط غياب شبه تام للخدمات، وتزايد حالات الاعتداء والنهب والقتل، ما أعاد إلى أذهان الأهالي مشاهد مجازر الساحل السوري.

مقاطع مصورة نُشرت خلال اليومين الماضيين أظهرت ارتكاب انتهاكات جسيمة وموثقة من قبل عناصر محسوبين على أجهزة الدولة، شملت عمليات سرقة لممتلكات خاصة وعامة، واعتداءات مباشرة على المدنيين، ما أثار غضبا واسعا بين السكان، الذين عبّروا عن خشيتهم من تكرار سيناريو الإبادة الممنهجة.

موجة نزوح في السويداء بسبب الخوف من تكرار سيناريو الساحل

ويؤكّد مصدر أهلي في المدينة، في حديثه إلى صحيفة «الأخبار»، أن «المدينة عاشت ليلة عصيبة مع اشتداد المعارك واقترابها من الأحياء الشمالية، ما دفع بالسكان إلى حالة نزوح شبه جماعية»، معتبراً أن «السبب الرئيسي للنزوح هو الخوف من تكرار سيناريو الساحل في السويداء، وهو ما حصل بالفعل في بعض الأحياء، ولكن بدرجة أقل». وأوضح المصدر أن «القسم الأكبر من السكان توجّه إلى صلخد ومحيطها، ما خلق ضغطاً سكانياً هائلاً، وسط تخوّف من امتداد العمليات العسكرية إلى مناطق النزوح».

تكاد تكون ليلة أمس هي الأصعب التي مرّت على السويداء في تاريخ الحرب السورية، باستثناء ليلة الهجوم الذي شنّه تنظيم «داعش» على قرى الريف الشرقي قبل أكثر من سبع سنوات؛ إذ عمّت المدينة مشاعر الخوف من وقوع انتهاكات وجرائم، وسط معاناة إنسانية متزايدة.

انقطاع معظم الخدمات العامة عن عموم المحافظة

منذ بدء تطوّر الأحداث في السويداء، على خلفية حالة اعتداء من حاجز على طريق دمشق على أحد المدنيين، وتطوّرها إلى خطف متبادل، تعيش المدينة واقعاً خدمياً صعباً، وسط انقطاع معظم الخدمات العامة عن عموم المحافظة. ومع حلول مساء الأحد، انقطعت الكهرباء بشكل كامل عن المحافظة، في وقت توقّف فيه عمل الأفران العامة والخاصة، وانقطعت حركة السير مع دمشق وبقية المحافظات. وترافق ذلك مع انقطاع للمياه وضعف حادّ في شبكتَي الاتصالات والإنترنت، وتوقّف جزئي لعمل المستشفيات والمستوصفات، ما أدى إلى شلل في الخدمات العامة.

وفي السياق، يؤكد مصدر في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظة، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «إمكانية تقديم الخدمات الإغاثية للعائلات المهجّرة غير ممكنة، بسبب الظروف الأمنية الصعبة وعدم وجود طرق إمداد للمحافظة»، لافتاً إلى أن «ما تمّ تقديمه جاء بجهود فردية وفزعات من أهالي الريفين الجنوبي والشرقي». ويصف المصدر، الواقع في المحافظة، بـ«المأساوي والصعب»، داعياً إلى «فتح ممرات آمنة للأهالي للنزوح في اتجاه أقاربهم في العاصمة دمشق وريفها»، ومطالباً بـ«تسيير قوافل إغاثية لتلبية احتياجات السكان الفارّين من مناطق سكنهم في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في المدينة وريفها الغربي».

تصاعد الجرائم العلنية المرتكبة على أيدي الفصائل التابعة للحكومة

مع تصاعد الجرائم العلنية المرتكبة على أيدي الفصائل التابعة للحكومة، وجدت وزارتا الدفاع والداخلية نفسيهما في موقف حرج، في ظلّ انتشار عشرات المقاطع المصوّرة التي توثّق تلك الجرائم. وفي حين دعا وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، مرهف أبو قصرة، إلى الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وعلى كرامة الأهالي. كما اعلنت السلطات المؤقتة تكليف «الجهات الرقابية والتنفيذية المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق كل من يثبت تجاوزه أو إساءته مهما كانت رتبته أو موقعه»، وهو نفسه ما كان أُعلن إبان مجازر الساحل، من دون أن يفضي إلى أي شكل من أشكال المحاسبة إلى الآن.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل