الثبات ـ بانوراما
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 7-2-2025 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.
اتّسعت دائرة الشكوك والانطباعات السلبية أمس حيال إمكانية التوصل إلى تشكيل حكومة في وقتٍ قريب. بل إن ثمّة مخاوف بدأت بالتصاعد في شأن العقدة الحقيقية التي تمنَع الرئيس المكلّف نواف سلام من إتمام مهمته. ففيما كانَ الأخير يتحضّر للإعلان عن تشكيلته الوزارية، بدا من الواضح أن ثمّة وقائع جديدة طارت معها كل الحسابات، وهي تتخطّى «المعايير» التي قال سلام إنه يلتزِم بها.
فظاهر الأمر، أن الخلاف هو حول الاسم الشيعي الخامس، لكن باطنه يعكس وجود شروط خارجية (أميركية – سعودية) بأن تشكّل الحكومة وفق آليات تمنع تشكّل ثلث ضامن فيها، مع مسعى من «الثنائي الخارجي» إلى إبعاد حزب الله عن الحكومة تماماً. وهو موقف يُرتقب أن تنقله مبعوثة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مورغان أورتاغوس، التي وصلت إلى بيروت مساء أمس، وفقَ المعلومات التي كشفتها وكالة «رويترز» عن أن «الولايات المتّحدة لن تتسامح مع النفوذ غير المضبوط لحزب الله وحلفائه في تشكيل الحكومة الجديدة».
ما بدا خلافاً حول تسمية الوزراء، لم يحجب جانباً أساسياً من المعركة يتعلق باستكمال التحالف الأميركي - السعودي في الحرب الإسرائيلية ضد لبنان والمقاومة. وهي معركة تستهدف، بشكل واضح، قيام سلطة سياسية تابعة كلياً لهذا التحالف الذي يريد فرض جدول أعمال لا ينحصر فقط بكيفية إدارة الدولة في المرحلة المقبلة، بل بتحضير لبنان خلال الـ 15 شهراً المقبلة من أجل أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة عنواناً للإجهاز على المقاومة وحلفائها.
ولأن المعركة بهذا الحجم، فإن فكرة «تقاطع المصالح» بين رغبات الرئيس المكلّف ومطالب الثنائي أميركا - السعودية قد تأخذ شكلاً أكثر خطورة، عندما يتبيّن أن كل ما يريده الرئيس المكلّف، أو يسعى إلى فرضه من قواعد ونتائج على صعيد تشكيل الحكومة، إنما يعكس الأهداف الفعلية للتحالف الخارجي الساعي إلى فرض وصاية كاملة على لبنان، من خلال السيطرة على القرار السياسي والعسكري من جهة، وتوسيع دائرة النفوذ لتشمل الإدارة العامة بكل فروعها الأمنية والمالية والقضائية.
وهي عملية تطوّع للمشاركة فيها حشد من المجموعات، سواء كانت على شكل قوى سياسية أو تجمعات تنسب إلى نفسها صفة المدنية أو الأهلية، فيما الهدف الذي بات واضحاً الآن يمكن تلخيصه بالآتي:
أولاً، منع أي فرصة لأي مجموعة من لون طائفي واحد من الخروج بما يفقدها ميثاقيتها، وهو ما استدعى أن تكون لرئيس الحكومة يد في تسمية وزير من كل طائفة، علماً أن الوزراء السنّة الخمسة جميعاً تحت سلطته.
ثانياً، منع أي فرصة لتشكيل تحالف سياسي داخل الحكومة يمكنه تشكيل ثلث معطّل، إذ إن تقاطعات سياسية قد تجمع ممثلي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة، وفي حال حصل الثنائي الشيعي على 5 مقاعد، والتيار وحلفاؤه الأرمن على 3 مقاعد وتيار المردة على مقعد، فإن هذا التحالف يمكنه جمع 9 مقاعد. لذلك، تقرّر سحب مقعدين من الشيعة والتيار الوطني، واختيار وزير محسوب على تيار المردة لا يكون خاضعاً تماماً لسلطة التيار سياسياً، ما ينزع من هؤلاء الأفرقاء أي فرصة لتهديد مصير الحكومة. وفي المقابل، يملك رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف نفوذاً على عشرة مقاعد على الأقل، بينما تتوزع المقاعد الـ 14 الأخرى على قوى وتحالفات غير قادرة على تهديد الحكومة أيضاً.
ثالثاً، السعي منذ الآن إلى فرض قاعدة تمثيلية من خارج نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، عبر فرض أسماء على الثنائي الشيعي أو على القوى المسيحية والكتل السنّية، بما يقود إلى تكريس واقع أن نتائج الانتخابات النيابية لا تعكس حقيقة التمثيل الشعبي. وهو ما يمثّل انقلاباً غير دستوري على نتائج الانتخابات. ولا يمكن للرئيس المكلّف - ولو تفاهم مع رئيس الجمهورية على ذلك - أن يحقق ذلك إلا من خلال إدخال معيار جديد إلى طريقة تشكيل الحكومة، وهو أن لرئيس الحكومة الحق باختيار أسماء من كل الطوائف. وهو إذ يبرر ذلك بأنه اختار وزيراً درزياً ووزراء مسيحيين من دون موافقة مسبقة من القوى السياسية الدرزية والمسيحية، إلا أن الجميع يعرف أن من تمّ اختيارهم ليسوا في موقع المعارض لوليد جنبلاط أو سمير جعجع أو سامي الجميل.
رابعاً، بدا أن هناك «ثأراً» قديماً للأميركيين والسعوديين يريدون تصفيته مع التيار الوطني الحر والنائب جبران باسيل. فرغبة سمير جعجع بإبعاد التيار عن الحكومة ليست كافية لذلك، كما أن الرئيس المكلّف الذي لا تربطه علاقة ودّ بالتيار ليس ممن يرتاحون لشخصية جعجع، ويدرك أن «القوات اللبنانية» أُجبرت على تسميته، وهو ما يعزّز فرضية أن السعودية والولايات المتحدة تريدان الانتقام من التيار الوطني بإقصائه كلياً عن المشهد الحكومي، تمهيداً لمحاصرته ودفعه إلى التراجع في الانتخابات النيابية المقبلة.
الأخبار
- الوصاية الأميركية - السعودية تبسط سلطتها: كيف تُشكّل الحكومة وكيف تستـعدّ للانتخابات النيابية؟
- ما بعد قنبلة ترامب: اتفاق غزّة رهن «الغموض» الأميركي
- موازنة الضمان لعام 2025: اختلال التوازن المالي بفائض وهمي
البناء
- حملة تراجع أميركية للتخفيف من تصريحات ترامب وتحويلها إلى مجرد فكرة
- انتكاسة الولادة الطبيعيّة لحكومة سلام وانتظار موعد وشكل الولادة القيصريّة
- اشتباكات الحدود الشرقيّة بين العشائر ومسلحين سوريين تنتهي بتبادل الأسرى
اللواء
- معركة «إستقلالية الحكومة» تتفجر على خلفية الشيعي الخامس
- سلام متمسك بصلاحياته.. وإصرار أميركي على إبعاد حزب الله.. وغارات ليلاً شمال الليطاني وعلى السلسلة الشرقية
- صفقة ترامب نتنياهو: تعهد إسرائيلي بتسليم غزة للأميركيين بعد التهجير
الجمهورية
- سلام: مشي الحال وما مشي
- جنبلاط لـ"الجمهورية": أحذّر بعض الداخل من الوهم
- العهد الجديد: فرصة لا تتكرّر
الديار
- تعثر ولادة الحكومة... «شياطين» اميركية او عناد داخلي؟
- سلام يُجهض توافق عون وبري على «الشيعي» الخامس
- اورتاغوس في بيروت ومواجهات خطيرة على الحدود الشرقية
النهار
- الثنائي يستعيد فجأة إدمان التعطيل!
- بالفيدرالية تلويح بها بعد الحرمان الوزاري
- التصحر القاتل الصامت