فواز يضع شوكة في نظرية بن غوريون!

السبت 21 كانون الأول , 2024 08:05 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

"هذه هي الحرب"
كان هذا عنوانا لكتاب قرأته أثناء سنتي الجامعية الثانية، كان كتابا رماديا حول العصور الوسطى لحروب الرومان،الطليان والقرطاجيون وغيرهم ... فن التهكم المرّ في عالم الفكر السياسي الإنساني الإجتماعي، الحروب التي تجرد التاريخ من الدم، لا يهم خلالها كيف ولماذا  تقتل وتسلب وتدمر،ما يهم حقاًّ هو نتاج إعصارك في وجه كل من يتجرأ ويقف في وجهك..
          يتحول العالم فيه إلى كتلة من جنون العظمة في اغتصاب الحق والأرض، ما درسناه في كتب التاريخ..تاريخ الغرب، بعنوان : الفتوحات التاريخية وفن تغيير الجغرافيا.
        لست بصدد الكتابة عن الفلسفات الدموية تاريخيا والتي يطلق عليها مسميات كثيرة ،تدرّس في الجامعات وتوضع في خانة ما "يقرأه العالم ليصبح مثقفا"..
ما نراه وتكاد السماوات والارض تتفطر من هولته، هو   "قداسة" ما تتبعه الصهيونية في حروبها التي يريدها لهم الرب..

وإن اصحاب اليمين المتطرف خصوصا لا يحتاجون إلى مغريات  الكتاب المقدس- خاصتهم لتجميع العدد الاكبر من ضحايا الاطفال والنساء ليكونوا مباركة الرب  على مائدة "سبتهم المجيد".
   يأتي دافيد  بن غوريون بعدها بأقل من عقد زمني، الذي شهد مرحلة تأسيس الكيان الإسرائيلي.. خلال فترة رئاسته للمجلس الوزاري عام ١٩٤٨ قاد حرب النكبة والتي تطلق عليها الصهيونية حرب الاستقلال.
يقول:
"الكبار يموتون والصغار ينسون"..

هذا ما اعتبرته دولة الكيان معتقدات فلسفية سياسيةثم جعلتها أسس دينية في محاولة لجر يهود العالم إلى وحل الإبادات هذه.
  أما نحن، فكبارنا سلموا الذاكرة قبل أن يسلموا الروح.. وصغارنا يتعلمون منذ المهد أن ذاكرة الأرض بين أيديهم ..
   في منتصف ليل  ٢٩ أيلول ، قصف بيت الشهيد علي الجوهري في الهرمل  بغارة إسرائيلية ارتقى إثرها مع زوجته سحر،وأبنائهما الشابان  محمد وشادي والطفل فواز.

نجا من العائلة حسين الشاب البكر للعائلة، وقمر ...الفتاة الوحيدة ومدللة البيت، صديقة طفولتي وعمري.

أو ربما، لم ينج سوى من استشهد في هذه الحرب، حرب الوعي.. وعي الدم ،دم من  أكتب من أجله الآن، فواز ذو الثمان سنوات.

منذ بداية جبهة الإسناد، إسناد غزة في وجه الوحش الذي يخشى العالم مواجهته فيفضل التصفيق له على مسرحياته الدموية، لايصفق له فحسب بل يضع يده معه  ملطخة بدمنا.. كان الكيان الاسرائيلي يهدد  بانتقال الحرب إلى لبنان في حال لم تفصل المقاومة الإسلامية الساحات،ساحة فلسطين ولبنان.. هناك حيث " الله في الساحة". 

ولأننا كنا -ويعز عليّ يا سيد أن أكتب "كنا" نعيش في عزّ زمان أنت فيه-لم نرفع راية بيضاء بل رفعنا  إصبعك  في وجه إسرائيل والعالم  ... فكان ما كان  من سفك دمنا و محاولة لمحو ذكرياتنا  وبلادنا ضريبة على رفض البيعة للعار و مسوقيه من عرب وغرب و ملوك ..
  بطريقة ما يعرف السيد أطفاله تماما كما يعرف رجاله... يعرف فواز كما يعرف كل قابض على الزناد في جنوب لبنان.
  أقول هذا وصوت فواز يعلو فوق القصف في  مقطع فيديو بعد أن سألته أخته إن كان خائفا من أن إسرائيل بدأت بقصف مدينتنا -الهرمل- بسبب إسنادنا لغزة... مبتسم العينين قال فواز " لن نوقف الحرب من لبنان حتى تقف الحرب على غزة.. هكذا قال السيد".
   أطنانا من المتفجرات أرسلها نتنياهو  لم تكف لتكون أعلى من صوت فواز... كما حشد أطنانا وحقدا وقهرا لتقتل السيد الشهيد لكنهما غادرا  ممسكان راية الحق  مقبلين غير مدبرين.

فهل خطر لبن غوريون  أن يضع طفل لبناني شوكة في نظريته الواهية  بعد ٧٥ عاما لقيام الدولة الدموية والرب الهزيل الذي يتوقفون من أجله يوم السبت عن توجيه التعليمات العسكرية الإجرامية على كلّ فلسطيني عربي حر؟
  هكذا راهن بن غوريون على الدم،القتل،التدمير، الظلم والظلام ... لننسى.

هل نسينا؟

بل حفرنا ذاكرة لا يقتلها رماد النكبات  الممتدة من البحر إلى النهر.

فهل قرأ فواز نظرية بن غوريون؟ حتما لم يفعل.
إنه وعي الدم يا بن غوريون، إنها فطرة الحسين فينا ...
حين قال تميم البرغوثي في قصيدته نفسي الفداء لكل منتصر حزين، " أدري أنك لا تخاف الطفل حيا إنما أدعوك حقا أن تخاف الصغار الميتين"

  صغارنا تعرفكم،تخيفكم أحياء وأموات..

فواز طفل لبناني يدحض ما قاتل من أجله بن غوريون لأعوام مع رعاعه...  بل يستشهد  كما يفعل الأحرار.

يمسك الشوك يرميه في وجه النار ثم يسلم الروح آمناً من بذاءة  هذا العالم.

    لمى المقهور


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل