الثبات ـ دولي
تحدّث الكولونيل السابق في الجيش الأميركي، إيرل راسموسن، عن الأسباب التي تؤثر في أداء مروحيات "الأباتشي" الهجومية في أوقات السلم، ما يؤدي إلى تكرار حوادث هبوطها وتحطّمها، وذلك في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية.
وجاء حديث راسموسن في أعقاب حادثتي تحطّم متتاليتين الأسبوع الماضي، لمروحيتي "أباتشي" تابعتين للجيش الأميركي، ليرتفع عدد المروحيات الحربية من طراز "AH-64"، التي سقطت منذ شباط/فبراير الماضي، إلى 4.
أمام ذلك، رأى راسموسن، الذي قضى أكثر من 20 عاماً في الخدمة، أنّ الأمر "المثير للقلق" هو وقوع حادثتي تحطّم خلال أسبوع واحد فقط، وهو ما يستدعي الانتباه، وفقاً له.
وأضاف راسموسن أنّ الجيش الأميركي شهد سابقاً عدداً كبيراً من الحوادث المشابهة، خصوصاً خلال العام الماضي، بينها تحطّم مروحيتين من طراز "أباتشي" و"بلاك هوك"، كما تابع.
وأوضح الضابط الأميركي المتقاعد في حديثه لـ"سبوتنيك" أنّ ثمة 3 عوامل تفسّر سلسة الحوادث المتعلقة الأخيرة المتعلقة بـ"الأباتشي"، وهي تشمل "ظروف الطيران والصيانة والتدريب".
وأولى راسموسن "أهميةً خاصةً" للعامل المتمثّل بالتدريب بالنسبة إلى طياري الحرس الوطني، الذين يحصلون على ساعات طيران أقلّ ليتقنوا قيادة المروحيات.
وتابع في حديثه إلى "سبونيك" موضحاً أنّه يجب التمييز بين الطيران ليلاً ونهاراً، ومشيراً إلى المهارة المطلوبة من أجل تشغيل المروحيات في الظروف الليلية، التي تتطلب استخدام نظارات الرؤية الليلية، وغيرها من المعدات التي تتيح رؤية الأشعة تحت الحمراء على متن الطائرة.
وفي هذا الإطار، لفت إلى أنّ حادثة التحطم الثانية، التي وقعت في قاعدة "فورت كارسون" بكولورادو، حصلت عند الساعة الـ6:30 مساءً، ما يعني أنّ العملية التي كانت تنفّذ مسائية أو ليلية مبكرة.
ويؤشر كلام الكولونيل الأميركي السابق إلى وجود ثغرات في التدريب الذي يقدّمه جيش الولايات المتحدة لطياري "الأباتشي". وتتمتع هذه المروحيات بقدرة عالية على المناورة، الأمر الذي يجعل التدريب المناسب في غاية الأهمية.
سقوط 4 طائرات خلال شهرين
يُذكر أنّ الحادث الأول خلال الأسبوع الماضي وقع الإثنين، في قاعدة "لويس ماكورد" بولاية واشنطن، حيث أُصيب طياران بعد سقوط طائرتهما من طراز "AH-64"، في أثناء تدريب روتيني.
ولم يمضِ إلا يومان حتى وقعت الحادثة الثانية، حيث سقطت "أباتشي" أخرى الأربعاء، تعمل من قاعدة "فورت كارسون" في كولورادو، في أثناء التدريب أيضاً، ما أدى إلى إصابة طياريها بجروح.
ويجري التحقيق في الوقت الحالي بهاتين الحادثتين، حيث تتحرك قيادة "فورت كارسون" بهدف إيقاف مروحيات "الأباتشي" عن العمل، حتى إشعار آخر.
وقبل ذلك، سقطت مروحية تابعة للحرس الوطني في شمالي الميسيسيبي، في 23 شباط/فبراير، ما أسفر عن مقتل الطيارين، ودفع الحرس الوطني التابع للجيش الأميركي إلى تعليق جميع رحلات المروحيات موقتاً.
وفي الـ12 من الشهر نفسه، سقطت "أباتشي" أخرى تابعة للحرس الوطني، وهي من ولاية يوتا، في أثناء التدريب.
ثقافة سلامة مضطربة
مروحيات "الأباتشي AH-64" تصنّعها شركة "بوينغ"، عملاق الفضاء الجوي الأميركي المتعثّر، الذي تعرّض لسلسة فضائح متعلقة بثقافة السلامة المتراخية ومشكلات التصميم والجشع التنفيذي، بما أدى إلى عدد من الحوادث، شملت أيضاً طائرات مدنية.
وأشار راسموسن إلى المشكلات التي شهدتها طائرات مدنية من "بوينج"، مضيفاً أنّ ثمة حوادث أخرى تتعلق بطائرات "بلاك هوك"، التي تصنّعها "سيكورسكي" التابعة لشركة "لوكهيد مارتن"، في أثناء عمليات التدريب أيضاً.
يُذكر أنّ "الأباتشي" طُرحت كمروحيات هجومية في الخدمة منذ منتصف الثمانينيات، لتصبح الدعامة الأساسية لأسطول طائرات الهليكوبتر الهجومية الأمريكية لأكثر من 40 عاماً.
وتم تطوير المروحية بصورة متكررة، واستخدمها الجيش الأميركي في حرب العراق عام 1991، حيث واجه مشكلات في الصيانة بسبب الكثافة العالية لاستخدامها.
كما تم استخدامها في الحروب اليوغوسلافية في التسعينيات، حيث واجهت مشكلاتٍ إضافيةً متعلقةً بالصيانة، وفي أفغانستان عام 2001، والعراق عام 2003 أيضاً. وفي عام 2011، استخدمتها بريطانيا في ليبيا.
والجيش الأميركي ليس الوحيد يعاني مشكلاتٍ مع "الأباتشي"، حيث أبلغت كل من "إسرائيل" واليابان واليونان وهولندا وغيرها، عن مجموعة كبيرة من حوادث التحطّم على مدى العقد الماضي.