الثبات ـ دولي
بعد أكثر من 130 يوماً من الحرب على قطاع غزة، التي خلّفت أكثر من 30 ألف شهيد وجريح، والاعتداءات على القرى اللبنانية الجنوبية، التي أسفرت عن ارتقاء شهداء أيضاً، تحقّق الولايات المتحدة في "إساءة استخدام" الاحتلال الصواريخ والقنابل الأميركية وقتله المدنيين.
وفي هذا الإطار، قال مسؤولون أميركيون لصحيفة "وول ستريت جورنال" إنّ واشنطن تحقق حالياً في الغارة الجوية التي وقعت في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على مخيم جباليا المكتظّ، والتي أدّت إلى استشهاد أكثر من 125 شخصاً، وفي "احتمال استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض ضدّ لبنان".
وذكرت الصحيفة أنّ "محققي الأسلحة في إسرائيل يشتبهون في أنّها استخدمت قنبلةً تزن 2000 رطل (أكثر من 900 كلغ) في الغارة"، مرجّحين أن تكون الولايات المتحدة قد قدّمتها، في حين قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنّ الغارة "يمكن أن تكون جريمة حرب".
أما في لبنان، فأفادت وكالة الأنباء الرسمية، بوقوع عدة هجمات باستخدام الفسفور الأبيض، جنوبي البلاد، في تشرين الأول/أكتوبر.
وأشارت الصحيفة إلى توجيه وزير الخارجية اللبناني، عبدالله بو حبيب، بعثةَ بلاده لدى الأمم المتحدة إلى تقديم شكوى أمام مجلس الأمن بشأن الهجوم، في حين ادّعى "جيش" الاحتلال أنّ "استخدامه الفسفور الأبيض يتوافق مع القانون الدولي".
"التحقيق يظهر المعضلات التي يواجهها بايدن"
"وول ستريت جورنال" رأت أنّ هذا التحقيق الذي تجريه وزارة الخارجية الأميركية، "يظهر المعضلات التي تواجهها إدارة الرئيس جو بايدن"، التي استبعدت حتى الآن وضع شروط على نقل الأسلحة من أجل الضغط على "إسرائيل"، في حين تواجه دعواتٍ متزايدةً من جانب بعض أعضاء الكونغرس للقيام بذلك.
وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إنّ العدوان الإسرائيلي على غزة، ترك بايدن "مكشوفاً سياسياً في الداخل"، وذلك قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية، مشيرةً إلى أنّ دعمه القوي لـ"إسرائيل"، أدّى إلى رد فعل عنيف بين بعض الناخبين التقدميين في الولايات المتأرجحة الرئيسة.
وفي الوقت نفسه، قد يتعرّض بايدن لاتهامات بـ"التخلي عن إسرائيل في وقت تشتدّ الحاجة إليه"، إذا ما اتخذ قرار بأي "تخفيف" لهذا الدعم، وفقاً لما أوردته الصحيفة.
كما أوضحت أنّ التحقيق يأتي أيضاً في الوقت الذي تحاول إدارة بايدن "التوسّط في صفقة تبادل، ووضع حدّ للحرب"، وبينما تفكّر "إسرائيل في غزو مدينة رفح، جنوبي القطاع، وسط تحذيرات أميركية من شن مثل هذا الهجوم، من دون وجود خطة لحماية المدنيين هناك".
ووفقاً لها، إذا ما خلص المحققون إلى أنّ "إسرائيل" أساءت استخدام الأسلحة الأميركية، فيمكنهم التوصية بقطع إمدادات المساعدات العسكرية، أو اقتراح قيود على استخدامها أو اقتراح توجيهات جديدة.
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية، مات ميلر، أكد الثلاثاء أنّ التحقيق "لم يكن مصمماً ليكون بمنزلة فحص سريع، من شأنه أن يؤدي إلى تحوّل سريع في السياسة".
يُذكر أنّ الولايات المتحدة أبدت دعمها المطلق للحرب الإسرائيلية على غزة، وهو دعم ثابت بصرف النظر عن هوية من في البيت الأبيض، إذ حرصت إدارة بايدن على تقديم الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي والإعلامي لـ"إسرائيل" منذ البداية، فيما يؤكد إعلام الاحتلال أنّ خسارة هذا الدعم خطر وجودي مباشر على "إسرائيل".
وتأتي بعض الإجراءات التي تتخذّها واشنطن بشأن الحرب، بالتوازي مع تراجع شعبية بايدن في الولايات المتحدة، وتدهور صورة الأخيرة في العالم.
كما تأتي هذه الخطوات تزامناً مع احتدام المنافسة الانتخابية الرئاسية الأميركية، خصوصاً بين بايدن والرئيس السابق، دونالد ترامب، الذي يبدي بدوره دعماً منقطع النظير للاحتلال، إلى حدّ دفع وزير "الأمن القومي" الإسرائيلي، بن غفير، إلى القول إنّ ترامب "يمنح يداً أكثر حريةً من أجل القضاء على حماس".